بعضها ببعض. وكذلك وصف القلب بأنه ضامر مدور ملء اليد، قاسٍ كالحجر، ملفوف في مثل المنديل، فيه نبض وحركة1.
وقد عرف الجاهليون الكهانة، وكانت منصبًا دينيًّا يدعي صاحبه أنه قريب من الله يعرف الغيب، تُقدَّم إليه النذور، فيتقبلها باسم الأصنام التي يزعم أنه يترجم عن إرادتها، وينظر في النجوم.
ومارسوا العرافة، والعراف يشبه الكاهن في ادعائه معرفة الغيب، وكان مثله يطبب الناس روحيا ونفسيا بما هو أقرب إلى الشعوذة. وقد اشتهر من الكهنة والعرافين عدد من الرجال والنساء.
كما مارسوا القيافة، وهي تتبع الأثر على الرمال, ومعرفة بصمات الأقدام، وتمييزها عن بعضها، ولو تزاحمت وتراكمت. ولا يخفى ما لهذه المعرفة من أثر في الصحراء، حيث تقضي الحاجة الماسة بتتبع آثار اللصوص والفارين والشاردين والقوافل. ونبغوا في الفراسة وهي معرفة انتماء الأشخاص بمجرد التفرس في وجوههم, أو معرفة القرابة بين شخص وآخر بمجرد ملاحظة وجوههم وبعض أعضائهم. ومارسوا الريافة، وهي معرفة استنباط الماء من الأرض بواسطة بعض الأمارات الدالة على وجوده, فيعرف بعده وقربه بشم التراب، أو برائحة بعض النباتات فيه.
وعرف عرب الجاهلية حركات الأنواء، وأحوال الجو، والاستدلال منها على تقلبات الطقس. وكانوا يستدلون على هطول المطر قبل نزوله بلون الغيوم, وعرفوا المسالك والاتجاهات، وهي نوع من المعارف الجغرافية تفيدهم في الأسفار، يهديهم إلى ذلك مسامتة الكواكب الثابتة ومنازل القمر، إذ لكل كوكب سمت يهتدى به2.
غير أن ملاحظاتهم كانت مبنية على تجربة ناقصة، قد تصيب حينا وتخطئ أحيانا، إنما لم تخلُ من ذكاء ونباهة في كثير من الأحيان.