وكانت كل من القبيلتين تتحالف مع بعض القبائل العربية الأخرى, من خارج المدينة، أو حتى مع قبيلة أو أخرى من قبائل اليهود في المدينة، إذ كان التناقض والتنافس فيما بين هذه القبائل لا يقل عما كان من تنافس وتنازع فيما بين الأوس والخزرج، وكل قبيلة ترمي من وراء عقد المحالفات إلى تقوية نفسها، وضمان النصر على منافستها. وقد حالفت الخزرج بني قينقاع، بينما تحالفت الأوس مع بني قريظة. وأشهر الحروب التي وقعت بين الطرفين هي المعروفة بيوم سمير ويوم السرارة ويوم حاطب ويوم بعاث، وكان النصر فيها سجالًا بين الأوس والخزرج.
ويمتاز يوم سمير بكون أسبابه تعود إلى التنافس السياسي والاقتصادي بين القبيلتين، ذلك أن حليفًا لمالك بن العجلان زعيم الخزرج قد فاخر به أمام جمع من الناس في سوق بني قينقاع، وفضله على أهل يثرب جميعا1, فغافله رجل من الأوس يسمى "سمير" فقتله، فطالب مالك بن العجلان بديته، واختلف الطرفان في مقدار الدية أتكون دية الصريح كما زعم مالك، أم دية الحليف وهي نصف دية الصريح كما زعمت الأوس، وأصر الجانبان على موقفهما، فوقعت الحرب بينهما ولم تنته إلا بتحكيم المنذر النجاري الخزرجي جد حسان بن ثابت، أو ثابت بن المنذر والد حسان، بحسب رواية الأغاني، الذي قضى لمالك بن العجلان بدية الصريح إرضاء له، على أن يعود الأمر بعد ذلك إلى السنن المعروفة2. ولما رفضت الأوس الإذعان لهذا التحكيم أخرج الحكم من ماله نصف الدية، وأرضى بذلك الطرفين المتنازعين. أما السبب الاقتصادي فسيرد شرحه في بحث أيام العرب.
وكان يوم بعاث3، الذي حدث في السنة الخامسة قبل الهجرة، آخر وقائع هذه