الكبيرة. وبعض هذه الكتل الرملية تشكل ما يسمى عند العرب باسم "العروق"، وتكون مفردة طويلة أحيانا ومتعددة متوازية أحيانا أخرى. وقد يطلقون لفظة "عِرْق" على منطقة فيها عدة عروق كعرق "المظهور" الذي يحتوي على سبع منها1.
والمطر في النفود الكبير قليل، ولكن الغيث قد يجودها في بعض الأشتية فيحيل رمالها الموحشة إلى جنة حقيقية فتبدو وكأنها بساط أخضر يزينها الزهر وشقائق النعمان ومختلف الأعشاب الصحراوية فينتجعها الأعراب للرعي2، وتنتعش الماشية ولكن لمدة لا تزيد على بضعة أسابيع تهب بعدها رياح السموم، وتتحالف عليها مع أشعة الشمس المحرقة لتحيلها إلى هشيم جاف، وتقضي على معالم النضارة النباتية فيها، وتغدو النفود في أشهر الصيف، الذي يبدأ منذ شهر نيسان عادةً، وكأنها قطعة من الجحيم.
ويتفرع من صحراء النفود الكبير نحو الجنوب شريطان رمليان أحدهما غربي هو النفود الصغير الذي هو في الواقع عدة أنفاد متقطعة متلاحقة متوازية في نهاياتها تأخذ أسماء مختلفة مثل نفود السر، نفود قُنَيْفدة، نفود الشُّقَيْقة، نفود الثُّوَيْرات. والشريط الثاني شرقي ويسمى "صحراء الدهناء". والشريطان يحتضنان هضبة نجد ثم ينتهيان جنوبا بصحراء الربع الخالي، وفي كليهما بعض الجهات التي لا يُشاهد فيها سوى الرمال التي تبلغ من النعومة والتفكك حدًّا يجعلها تبتلع من يسير فوقها، ولذلك يتجنبها المسافرون ابتغاء سلامة أرواحهم. وقد ذكر حافظ وهبة أنه اخترقها من الغرب إلى الشرق على الإبل في بضع عشرة ساعة3.
أما صحراء الدهناء فتمتد بشكل هلالي تقريبًا، يبلغ 1300كم من الطول في محاذاة الخليج العربي. وربما قد اشتق العرب القدماء اسمها من الدهن، باعتبار أنها أفضل الجهات الصحراوية مرعى في الشتاء والربيع، ولكن لعدد من الأسابيع تكثر أو تقل تبعًا لمدة هطول الغيث، وهو يهطل فيها أكثر من غيرها من صحارى شبه الجزيرة. وربما يكون