الأبطح من مكة، فأقاموا منازلهم في الشعب بين جبل أبي قبيس والذي يقابله، وهو باطن مكة وفي وسط الكعبة، وكانوا عدة بطون1 في مقدمتهم بنو هاشم وبنو أمية، وقد شكلوا بعدئذ طبقة السادة أصحاب القوافل والغنى والجاه، إذ اتخذوا التجارة ورعاية البيت الحرام موردًا يتعيشون منه، وأثروا ثراءً عظيمًا. ثم قريش الظواهر الذين لم يدخلهم قصي الأبطح، فسكنوا أطراف مكة خارج الشعب، وكانوا من بطون قرشية مختلفة، وهم أدنى مكانة وجاهًا من قريش البطاح2. وقد روي أنهم كانوا يمارسون الغزو والغارات، وأنهم يعتبرون لذلك من البداة أو شبه المستقرين، ولم تكن حالتهم المادية حسنة. وقد سكن إلى جانب هؤلاء جميعا جماعات من العرب، تحالفوا مع قريش في عهد قصي وتولى عقد ذلك الحلف ابنه عبد مناف، فقد روى اليعقوبي أنه لما كبر أمر عبد مناف بن قصي جاءته خزاعة وبنو الحارث بن عبد مناة بن كنانة يسألونه الحلف ليَعِزُّوا به، فعُقد بينهم الحلف الذي يقال له حلف الأحابيش؛ لأن الحلف عقد في وادي "حبشي" الذي يقع على بعد ستة أميال من أسفل مكة، فسموا باسمه3. كما سكن في ظواهر مكة وضواحيها جماعات من الأجانب واللاجئين والأرقاء4 من صناع وعمال وفنانين، جاء بعضهم من داخل شبه الجزيرة، ومعظمهم من خارجها.