فعجزت عنها، فتركتها لزوجها، أو أن حُليلًا قد أورثها ابنه المخرش الملقب بـ "أبي غبشان" وكانت العرب تجعل لسادن البيت جُعْلًا في كل موسم، فمنعوا عنه في إحدى السنين ما كانوا يؤدونه، فغضب فدعاه قصي وسقاه، ثم اشترى منه سدانة البيت بزق من الخمر وبعير، فذهبت قصته مثلًا في الخسارة: "أخسر من صفقة أبي غبشان"1. وفي كتاب "شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام"2 أن أبا غبشان لم يكن ابنًا لحليل بل شريكًا له.
غير أن هذه الروايات قد تكون موضوعة، وربما يكون الأقرب إلى الواقع أن قصيًّا استولى على السدانة بالقوة، كما جاء في رواية لابن سعد في الطبقات، منقولة عن ابن الكلبي، تقول: إنه لما توفي حليل وانتشر وُلد قصي، وكثر ماله وعظم شرفه، رأى أنه أولى بالبيت، وبولاية مكة من خزاعة بكر، فجمع قومه من كنانة وقريش، واستنصر إخوته لأمه "بنو عذرة من قضاعة" فاقتتل الفريقان قتالا شديدا حتى كثر القتلى فيهما3، ثم تداعيا إلى الصلح وحكَّما بينهما "يعمر بن عوف بن كعب الكناني" فقضى هذا بأن قصي بن كلاب أولى بالبيت ومكة من خزاعة، وأن كل دم أصابه قصي من خزاعة وبكر موضوع, يشدخه تحت قدميه, وأن ما أصابت خزاعة وبكر من قريش وكنانة ففيه الدية مؤداة، فسمي لذلك "يعمر الشداخ"4.
كانت قريش في عهد قصي قسمين: قريش البطاح؛ لأن قصيا جمع بطون قريش في