كانت تطلق لقبًا على حكام قتبان وسبأ، قبل أن يتلقبوا بألقاب "ملوك" وتعني مفهوم "مقرب" في لغتنا؛ لأن مكة تقرب إلى الإله1. وفي رأي بعض المؤرخين أن اسمها الحالي "مكة" مشتق من لفظة "مكا" البابلية التي تعني "البيت" وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم باسم "بكة" في قوله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِين} 2، كما ورد باسم مكة: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} 3, ويعلق بعضهم على ذلك بقولهم: إن مكة اسم المدينة، وبكة اسم البيت. كما ذهب بعض المؤرخين في تفسير هاتين التسميتين مذاهب لغوية ودينية، استنبطوها من مكانة الكعبة وقدسيتها، كقولهم: إن تسميتها "مكة" جاءت من كونها تمك الجبارين، أي: تذهب نخوتهم، وتسميتها "بكة" لازدحام الحجاج فيها "يبك بعضهم بعضًا بكًّا"4. وهذه التفسيرات متأخرة ولا شك، واسم مكة لا بد أن يكون سابقا لهذه المفاهيم5, على أن أهمية مكة تعود إلى عوامل عديدة أهمها: كعبتها التي وصفت بكونها "البيت العتيق".
أما بناء الكعبة فينسب إلى إبراهيم الخليل "عليه السلام". وقد جاء في القرآن الكريم ما يؤيد ذلك: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيم} 6. لكن ما أغضى عنه القرآن من قصة قدوم إبراهيم إلى مكة، أفاض فيه الأخباريون، ورواياتهم في واقع الأمر مقتبسة من الإسرائيليات، فقالوا: إن مجيئه كان بوحي من الله، إذ أمره بالمسير إلى بلده الحرام. فقصد وزوجته هاجر وابنه إسماعيل مكة، وأنزلهما في مكان زمزم اليوم، ثم انصرف راجعًا إلى الشام7. هذه الخلاصة