...
الفصل الثاني: جغرافية شبه الجزيرة العربية
شبه جزيرة العرب هضبة صحراوية كانت في الأزمنة الجيولوجية الغابرة متصلة بالقارة الإفريقية حتى فصل بينهما الأخدود الانهدامي الطولاني الذي حدث في الزمن الجيولوجي الثالث نتيجة صدع في القشرة الأرضية والذي نشأ عنه البحر الأحمر الفاصل بين القسمين. ولذا فإن التشابه بينها وبين أجزاء إفريقيا الشرقية "مصر والسودان والحبشة" التي تقابلها كبير مما دعا أحد الكتاب الغربيين إلى تسميتها، مبالغةً، باسم "إفريقيا الآسيوية"1. وهي تقع في الجنوب الغربي من قارة آسيا بين درجتي عرض 12-30 ْ إلى الشمال من خط الاستواء، أي: إن قسمها الجنوبي يقع في المنطقة المدارية الصحراوية، فهي -إذا استثنينا منها المناطق الجبلية الجنوبية العالمية- حارة الإقليم, قاسية المناخ.
وكان من أثر الانهدام والحركات الأرضية الباطنية التي رافقته أن شبه الجزيرة قد مادت بمجموعها واتخذت شكل سطح مائل ينحدر من الغرب ومن الجنوب الغربي "زاوية اليمن" نحو الشرق والشمال الشرقي "زاوية الكويت"2، وأنها أصبحت محاطة من أطرافها الثلاثة "عدا الشمال" بالبحار، وأن انحدار حافتها الغربية أصبح حادًّا وسريعًا نحو البحر الأحمر، بينما نشاهد أن انحدارها نحو الشرق انحدار هادئ بطيء "متدرج".
ويبلغ متوسط عرض شبه الجزيرة 700 ميل "نحو 1150كم" وأقصى طولها 1200 ميل "نحو 2000كم" فهي إذن تأخذ شكل مستطيل يمتد من الجنوب إلى الشمال. وبينما تكون حدودها من جهات الغرب والجنوب والشرق واضحة المعالم إذ تحف بها