وعدا ما ذكرت يمكن الاستفادة من الكتب المقدسة كالتوراة والتلمود، إذ جاء ذكر للعرب فيها، وإنما الأفضل أن تسلط عليها أشعة النقد والتحليل العقلي والمقارنة مع النقوش المكتشفة. غير أن القرآن الكريم هو من أصدق المصادر فيما تعرض له من حياة الجاهليين، سواء منها الاجتماعية والاقتصادية والدينية فصوَّرها تصويرًا صادقًا.
وكذلك الكتب اليونانية والرومانية والنصرانية القديمة تلك التي أطلق عليها اسم "المصادر الكلاسيكية" -بالرغم مما ورد فيها من أخطاء يمكن ملاحظتها- فإنه يستفاد منها لما حوت من أخبار تاريخية ومعلومات جغرافية وأسماء عربية كثيرة لم تعرف إلا منها. وقد استقاها مؤلفوها من رجال الحملات الرومانية واليونانية التي حاولت الاستيلاء على بلاد العرب، ومن السياح والتجار والملاحين الذين جابوا هذه البلاد. وقد تحدثت هذه الكتب عن وجود علاقات قديمة بين سواحل بلاد العرب وبلاد اليونان والرومان والفرس، وعن تسرب المسيحية إلى شبه جزيرة العرب.
إن من مؤلفي المصادر اليونانية "هيرودوت" اليوناني الملقب باسم "أبي التاريخ" "480 - 406ق. م" و"تيوفراست" "371 - 287ق. م" و"إيراتوستين وديودور" الصقلي والرحالة اليوناني " سترابون" "64ق. م -19م" وهو صاحب كتاب الجغرافيا الذي ورد في الجزء 17 والأخير منه مذكراته عن الحملة التي رافق فيها القائد الروماني "إيليوس غالوس" الذي حاول بها احتلال الجنوب العربي. ومنهم أيضا "بطليموس" القلوزي الإسكندري "المتوفى سنة140م" صاحب كتاب جغرافية بطليموس الذي تحدث فيه عن مدن الجزيرة العربية وقبائلها وأحوالها التجارية وزيَّن الكتاب بالخرائط محددًا مواقع المدن بالدرجات.
ومن مؤلفي المصادر المسيحية "أوسيبيوس" "265 - 340م" و"روفينيوس تيرانيوس" "المتوفى سنة 410م" و"شمعون الأرشامي" صاحب رسائل الشهداء الحميريين التي تبحث عن تعذيب الملك ذي نواس للنصارى في نجران، وقد ادعى أنه جمع أخبارها من بلاط الحيرة1.