والأرضين منها ومن معين وقتبان. وقد وصفه الدكتور جواد علي بكونه جسورًا مغامرًا أولع بالفتح والتوسع حتى انتهى به الأمر إلى إسقاط دولة معين، وبسط سلطانة بالحرب على جميع القبائل والمشيخات، فأسس مملكة واحدة تجمع كل ممالك اليمن تحت سيطرته ونفوذه، فاتخذ لنفسه لقب "ملك" مستبدلًا إياه بلقبه السابق "مكرب" وكان ذلك سنة 630 ق. م1.
إن الكتابات التي عثر عليها في خرائب اليمن قد تعرضت لأسماء ملوك سبأ، وقد عرف منهم حتى الآن 20 ملكًا بالإضافة إلى 17 مكربًا، وكان لهم ألقاب تضاف إلى أسمائهم مثل: وتار "العظيم" بيين "الممتاز"، ذرح "الشريف"، ينوف "السامي". إنما لم يستطع العلماء معرفة الكثير من أخبارهم، وأكثر ما وقفوا عليه هو ما يتعلق بعنايتهم بالتجارة والعمران من بناء قصور ومعابد وإضافات لسد مأرب وغير ذلك. ومن المستندات الأثرية ما يدل على عنايتهم بالتنظيم الإداري والمالي, من ذلك قانون وضع في عهد الملك "يدع آل بيين" ابن الملك "كرب آل وتر" يتعلق بقبيلة "سبأ" وسائر القبائل، حددت فيه شروط استغلال الأراضي واستثمارها في مقابل ضرائب معينة تدفع للدولة, وقيام القبائل بالخدمة العسكرية، وتقديم عدد من الجنود لخدمة الدولة. وتوقيت صدور مثل هذا القانون مباشرة بعد فترة التوسع، يدلنا على تفرغ الدولة للتنظيم بعد الاضطرابات والحروب.
وقد استنتج الباحثون من هذا القانون أن الرؤساء هم الذين كانوا يلتزمون بدفع الضرائب عن قبائلهم، وتقديم الرجال للخدمة العسكرية، إذ كانت أسماؤهم تذكر في الأوامر الملكية المتعلقة بالضرائب، إشعارًا منهم بموافقتهم والتزامهم بدفعها للدولة وفق الشروط التي تم الاتفاق عليها2.
أما من حيث التجارة فإن السبئيين كانوا ملاحين ماهرين وتجارًا نشيطين، عبروا المحيط الهندي إلى الشرق الأقصى، معتمدين على معرفتهم بمواقيت حركات الرياح الموسمية التي تتبدل اتجاهاتها بحسب المواسم والفصول، فاحتكروا التجارة مع الهند، وجنوا من