في مكان رفيع، وإنهم جأروا إلى ربهم، ودعوه مخلصين له الدين أن يكشف عنهم العذاب، وأن يرجع إليهم رسولهم، قَالَ: ففي ذلك أنزل الله تعالي:

«فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ» .

فلم يكن قرية غشيها العذاب ثم أمسك عنها إلا قوم يونس خاصة، فلما رأى ذلك يونس، لكنه ذهب عاتبا على ربه، وانطلق مغاضبا، وظن أن لن يقدر عليه، حتى ركب سفينة، فأصاب أهلها عاصف من الريح فقالوا:

هذه بخطيئة أحدكم وقال يونس- وقد عرف أنه هو صاحب الذنب: هذه بخطيئتي، فألقوني في البحر وإنهم أبوا عليه حتى أفاضوا بسهامهم، «فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ

» ، فقال لهم: قد أخبرتكم أن هذا الأمر بذنبي وإنهم أبوا عليه أن يلقوه في البحر، حتى أفاضوا بسهامهم الثانية، «فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ

» فقال لهم: قد أخبرتكم أن هذا الأمر بذنبي، وإنهم أبوا عليه أن يلقوه في البحر حتى أفاضوا بسهامهم الثالثة، «فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ

» فلما رأى ذلك ألقى نفسه في البحر، وذلك تحت الليل، فابتلعه الحوت «فَنادى فِي الظُّلُماتِ» - وعرف الخطيئة- «أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ» وكان قد سبق له من العمل الصالح، فأنزل الله فيه فقال: «فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ» ، وذلك أن العمل الصالح يرفع صاحبه إذا عثر، «فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ» وألقي على ساحل البحر، وأنبت الله عليه شجرة من يقطين- وهي فيما ذكر- شجرة القرع يتقطر عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015