قال: وعباهم وجعل على الميمنه كثير بن الدبوسي، وعلى الميسرة رجلا من ربيعة يقال له ثابت قطنة، وساروا حتى إذا كانوا منهم على غلوتين كبروا وذلك في السحر، وثار الترك، وخالط المسلمون العسكر، فعقروا الدواب، وصابرهم الترك، فجال المسلمون وانهزموا حتى صاروا إلى المسيب، وتبعهم الترك وضربوا عجز دابة المسيب فترجل رجال من المسلمين، فيهم البختري أبو عبد الله المرائي، ومُحَمَّد بن قيس الغنوي- ويقال: مُحَمَّد بن قيس العنبري- وزياد الأصبهاني، ومعاوية بن الحجاج وثابت قطنة فقاتل البختري فقطعت يمينه، فأخذ السيف بشماله فقطعت، فجعل يذب بيديه حتى استشهد واستشهد أيضا مُحَمَّد بن قيس العنبري أو الغنوي وشبيب بن الحجاج الطائي قال: ثم انهزم المشركون، وضرب ثابت قطنة عظيما من عظمائهم، فقتله، ونادى منادي المسيب: لا تتبعوهم، فإنهم لا يدرون من الرعب، أتبعتموهم أم لا! واقصدوا القصر، ولا تحملوا شيئا من المتاع إلا المال، وتحملوا لا من يقدر على المشي وقال المسيب: من حمل امرأة أو صبيا أو ضعيفا حسبة فأجره على الله، ومن أبى فله أربعون درهما، وإن كان في القصر أحد من أهل عهدكم فاحملوه قال: فقصدوا جميعا القصر، فحملوا من كان فيه، وانتهى رجل من بني فقيم إلى امرأة، فقالت: أغثني أغاثك الله! فوقف وقال: دونك وعجز الفرس، فوثبت فإذا هي على عجز الفرس، فإذا هي أفرس من رجل، فتناول الفقيمي بيد ابنها، غلاما صغيرا، فوضعه بين يديه، وأتوا ترك خاقان، فأنزلهم قصره وأتاهم بطعام، وقال: الحقوا بسمرقند، لا يرجعوا في آثاركم فخرجوا نحو سمرقند، فقال لهم: هل بقي أحد؟
قالوا: هلال الحريري، قال: لا أسلمه، فأتاه وبه بضع وثلاثون جراحة، فاحتمله، فبرأ، ثم أصيب يوم الشعب مع الجنيد قال: فرجع الترك من الغد، فلم يروا في القصر أحدا، ورأوا