في أيديهم حتى يأخذوا صلحهم، فلما بلغهم مسيركم إليهم قتل الترك من كان في أيديهم من الرهائن.

قال: وكان فيهم نهشل بن يزيد الباهلي فنجا لم يقتل، والأشهب بن عبيد الله الحنظلي، وميعادهم أن يقاتلوهم غدا أو يفتحوا القصر، فبعث المسيب رجلين: رجلا من العرب ورجلا من العجم من ليلته على خيولهم، وقال لهم: إذا قربتم فشدوا دوابكم بالشجر، واعلموا علم القوم فأقبلا في ليلة مظلمة، وقد أجرت الترك الماء في نواحي القصر، فليس يصل إليه أحد، ودنوا من القصر، فصاح بهما الربية، فقالا: لا تصح وادع لنا عبد الملك ابن دثار، فدعاه فقالا له: أرسلنا المسيب، وقد أتاكم الغياث، قال: أين هو؟ قال: على فرسخين، فهل عندكم امتناع ليلتك وغدا؟ فقال: قد أجمعنا على تسليم نسائنا وتقديمهم للموت أمامنا، حتى نموت جميعا غدا فرجعا إلى المسيب، فأخبراه فقال المسيب للذين معه: إني سائر إلى هذا العدو، فمن أحب أن يذهب فليذهب، فلم يفارقه أحد، وبايعوه على الموت فسار وقد زاد الماء الذي أجروه حول المدينة تحصينا، فلما كان بينه وبينهم نصف فرسخ نزل، فأجمع على بياتهم، فلما أمسى أمر الناس فشدوا على خيولهم، وركب فحثهم على الصبر، ورغبهم فيما يصير إليه أهل الاحتساب والصبر، وما لهم في الدنيا من الشرف والغنيمة إن ظفروا، وقال لهم: اكعموا دوابكم وقودوها، فإذا دنوتم من القوم فاركبوها، وشدوا شدة صادقة وكبروا، وليكن شعاركم: يا مُحَمَّد، ولا تتبعوا موليا، وعليكم بالدواب فاعقروها، فإن الدواب إذا عقرت كانت أشد عليهم منكم، والقليل الصابر خير من الكثير الفشل، وليست بكم قله، فان سبعمائة سيف لا يضرب بها في عسكر إلا أوهنوه وإن كثر أهله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015