الأمداد تقدم على المشركين كل يوم من حلوان، وجعل يمدهم بكل من أمده من أهل الجبال، واستمد المسلمون سعدا فأمدهم بمائتي فارس، ثم مائتين، ثم مائتين ولما رأى أهل فارس أمداد المسلمين بادروا بقتال المسلمين.
وعلى خيل المسلمين يومئذ طليحة بْن فلان، أحد بني عبد الدار، وعلى خيل الأعاجم خرزاذ بْن خرهرمز- فاقتتلوا قتالا شديدا، لم يقاتلوا المسلمين مثله في موطن من المواطن، حتى انفذوا النبل، وحتى أنفدوا النشاب، وقصفوا الرماح حتى صاروا إلى السيوف والطبرزينات فكانوا بذلك صدر نهارهم إلى الظهر، ولما حضرت الصلاة صلى الناس إيماء، حتى إذا كان بين الصلاتين خنست كتيبة وجاءت أخرى فوقفت مكانها، فأقبل القعقاع بْن عمرو على الناس، فقال: أهالتكم هذه؟ قالوا: نعم، نحن مكلون وهم مريحون، والكال يخاف العجز إلا أن يعقب، فقال:
إنا حاملون عليهم ومجادوهم وغير كافين ولا مقلعين حتى يحكم الله بيننا وبينهم فاحملوا عليهم حملة رجل واحد حتى تخالطوهم، ولا يكذبن أحد منكم فحمل فانفرجوا، فما نهنه أحد عن باب الخندق، وألبسهم الليل رواقه، فأخذوا يمنة ويسرة، وجاء في الأمداد طليحة وقيس بْن المكشوح وعمرو بْن معد يكرب وحجر بْن عدي، فوافقوهم قد تحاجزوا مع الليل، ونادى منادي القعقاع بْن عمرو: أين تحاجزون وأميركم في الخندق! فتفار المشركون، وحمل المسلمون، فأدخل الخندق، فأتى فسطاطا فيه مرافق وثياب، وإذا فرش على إنسان فأنبشه، فإذا امرأة كالغزال في حسن الشمس، فأخذتها وثيابها، فأديت الثياب، وطلبت في الجارية حتى صارت إلي فاتخذتها أم ولد.
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عن حماد بْن فلان البرجمي، عن أبيه، أن خارجة بْن الصلت أصاب يومئذ ناقة من ذهب