أو نموت دونه! فلما نهد المسلمون الثانية خرج القوم، فرموا حول الخندق مما يلي المسلمين بحسك الحديد لكيلا يقدم عليهم الخيل، وتركوا للمجال.

وجها، فخرجوا على المسلمين منه، فاقتتلوا قتالا شديدا لم يقتتلوا مثله إلا ليلة الهرير، إلا أنه كان أكمش وأعجل، وانتهى القعقاع بْن عمرو في الوجه الذي زاحف فيه إلى باب خندقهم، فأخذ به، وأمر مناديا فنادى: يا معشر المسلمين، هذا أميركم قد دخل خندق القوم وأخذ به فأقبلوا إليه، ولا يمنعنكم من بينكم وبينه من دخوله وإنما أمر بذلك ليقوي المسلمين به، فحمل المسلمون ولا يشكون إلا أن هاشما فيه، فلم يقم لحملتهم شيء، حتى انتهوا إلى باب الخندق، فإذا هم بالقعقاع بْن عمرو، وقد أخذ به، وأخذ المشركون في هزيمة يمنة ويسرة عن المجال الذي بحيال خندقهم، فهلكوا فيما أعدوا للمسلمين فعقرت دوابهم، وعادوا رجالة، وأتبعهم المسلمون، فلم يفلت منهم إلا من لا يعد، وقتل اللَّه منهم يومئذ مائة ألف، فجللت القتلى المجال وما بين يديه وما خلفه، فسميت جلولاء بما جللها من قتلاهم، فهي جلولاء الوقيعة كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن عبيد الله بن محفز، عن أبيه، قال: إني لفي أوائل الجمهور، مدخلهم ساباط ومظلمها، وإني لفي أوائل الجمهور حين عبروا دجلة، ودخلوا المدائن، ولقد أصبت بها تمثالا لو قسم في بكر بْن وائل لسد منهم مسدا، عليه جوهر، فأديته، فما لبثنا بالمدائن إلا قليلا حتى بلغنا أن الأعاجم قد جمعت لنا بجلولاء جمعا عظيما، وقدموا عيالاتهم إلى الجبال، وحبسوا الأموال، فبعث إليهم سعد عمرو بْن مالك بْن عتبة بْن أهيب بْن عبد مناف بْن زهرة، وكان جند جلولاء اثني عشر ألفا من المسلمين، على مقدمتهم القعقاع بْن عمرو، وكان قد خرج فيهم وجوه الناس وفرسانهم، فلما مروا ببابل مهروذ صالحه دهقانها، على أن يفرش له جريب أرض دراهم، ففعل وصالحه ثم مضى حتى قدم عليهم بجلولاء، فوجدهم قد خندقوا وتحصنوا في خندقهم، ومعهم بيت ما لهم، وتواثقوا وتعاهدوا بالنيران ألا يفروا، ونزل المسلمون قريبا منهم، وجعلت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015