ومن عادة بعض مرابطين الزواوة تذكير المرأة بلبس البرنوس حين السفر القصير سترة ونعيمة وهي عادة قبيحة مذمومة ورد النهي في ذلك ولعن الله المتشيهين والمتشبهات وأنه من مصادمة الطبيعة وسنن الكون كما قدمنا وأن كان قد يجوز التنكر وقد يضطر إليه في بعض الأحيان لأسباب ولكن إذا زال السبب زالت العلة وارتفعت والسب ما يلزم من عدمه العدم ومن وجوده الوجود لذاته. والخلاصة أن العادات كثيرة غالبها كما تقدم من المستحسنة والمستهجنة وإنما يلزم أن تعرض كلها على ميزانية الشريعة فما صادقت عليها الشريعة يقرر وما لا فلا. وإن الله لهادي الذين أمنوا إلى صراط مستقيم.
أكتفي في هذا الباب بما حررته في كتابي "الإصلاح" حين كلامي على زوايا الجزائر عموما وعلى زوايا الزواوة خصوصا فأورده بتمامه وهو: الزوايا في بلادنا الجزائر عبارة جوامع ومقامات يجتمع فيها الناس للصلاة والبيات والقرأة وهذا مراد مؤسستها وتوجد في قرى الشرفاء والمرابطين وأهل الصلاح المتدينين من العرب والبربر فلنعم المبدأ ولنعم الغاية وهي - الزوايا - كثيرة في بلاد الزواوة حتى قيل أنهم لقبوا الزواوة لكثرة زواياهم وهي منقبة تذكر فتشكر وعلى ذلك أثنى العلامة ابن خلدون حين كلامه على البربر كما تقدم وقصدنا الآن أن نقول أن تلك الزوايا لطول الأمد عليها وقدم عهد تأسيسها وعدم تعهدها بالإصلاح تكاد تكون عقيمة إذ لم يحسن شيء منها منذ تأسيسها الذي يرجع إلى القرون الأولى والحال أن الضرورة تقتضي بالتجدد والإصلاح