وَمن الْغَرِيب انها الزمت الدولة الْعلية ان تفِيد الدول الاجنبية الْمرة بعد الْمرة عَن الاجرآءات الَّتِي اتخذتها للوصول إِلَى هَذِه الْغَايَة وعَلى الدول مراقبة ذَلِك أَي ان الدول جعلت لنَفسهَا حق المراقبة على امور دولتنا الْعلية الداخلية بِحجَّة حماية المسيحيين عُمُوما وحماية الارمن من تعدِي الاكراد والجراكسة ثمَّ اتت فِي البند الثَّانِي وَالسِّتِّينَ على بَيَان مَا يجب مراعاته فِي حق بَاقِي الطوائف الْغَيْر اسلامية فَمن يتَأَمَّل فِي معاهدة برلين يرى أَنَّهَا لم تقل احجافا بِحُقُوق الدولة الْعلية عَن معاهدة سان اسطفانوس بل انها اشد وَطْأَة وتأثيرا على نُفُوذ العثمانيين إِذا اعطت كثيرا من اراضيها إِلَى دوَل لم تشترك قطّ فِي الْحَرْب مثل اليونان والعجم ودولة النمسا والمجر اشتركت وانتصرت عَلَيْهَا العساكر العثمانية مرَارًا فِي بادئ الامر وَلَوْلَا مساعدة الروسيا لَهَا وسوقها جيوشها الجرارة لنجدتها لاجهزت الدولة الْعلية عَلَيْهَا كالصرب والجبل الاسود وناهيك مَا فِيهَا من التدخل فِي امورها الداخلية الْمَحْضَة وَإِلَى هُنَا نمسك عنان الْقَلَم عَن الدُّخُول فِي مَوْضُوع مَا الم بالدولة الْعلية المحروسة من المصائب بِسَبَب هَذِه المعاهدة ولانتعرض لذكر اخلال بلغاريا بهَا بطردها اميرها اسكندردي باتمبرج وانتخاب الامير فردينان بِدُونِ قبُول الدول وَلَا إِلَى ضم الرّوم ايلي الشرقية اليها وَلَا إِلَى عدم احترام الروسيا لبنودها بتحصينها ميناء باطوم وَلَا إِلَى احتلال فرنسا للقطر التّونسِيّ وَلَا إِلَى دُخُول عَسَاكِر انكلترا إِلَى دِيَارنَا المصرية لاخماد الثورة العرابية وبقائها بهَا إِلَى الْآن بِدَعْوَى الاصلاح فان جَمِيع هَذِه الامور حَدِيثَة الْعَهْد منطبعة بأسبابها فِي عقول الْقُرَّاء لَا سِيمَا وان الْخَوْض فِيهَا يَسْتَدْعِي الْخُرُوج عَن مَوْضُوع هَذَا الْكتاب التاريخي وَالدُّخُول فِي الْمسَائِل السياسية الْمَحْضَة مماليس من شَأْننَا التَّوَسُّع فِيهِ الْآن