وَبعد اطلَاع الْبَاب العالي على ذَلِك تاسف جدا على انه راى ان الدول الْعِظَام لم تَرَ من الْوَاجِب ان تشترك الدولة الْعلية فِي المذكرات الَّتِي تثار فِيهَا الْمسَائِل المهمة الْمُتَعَلّقَة بالدولة مَعَ ان المراعاة الَّتِي ابدتها الدولة فِي جَمِيع الاحوال لنصائح الدول والتكفل الَّذِي قرن مصالحها بمصالحهم واصول الانصاف الَّتِي لَا نزاع فِيهَا والتعهد الخطير الشان تحمل الدولة على ان تظن انه كَانَ من اللَّازِم ان الدول تدعوها إِلَى هَذَا الْعَمَل المُرَاد بِهِ ان اجراء الصُّلْح فِي الشرق والاتفاق الْعَام يبنيان على اساس راسخ عَادل وَحَيْثُ جرى الامر على خلاف المامول رأى الْبَاب العالي انه من الْوَاجِب عَلَيْهِ ان يُعَارض فِيهِ وان يبين مَا عَسى ان يحدث مِنْهُ فِي الْمُسْتَقْبل من المحدور وَلَو ان الدول امعنت النّظر فِيمَا اعْترض من الْخطر وَمن تَغْيِير الْحَال بعد انْعِقَاد المؤتمر فِي استانبول لامكن الْوُصُول إِلَى هَذَا الِاتِّفَاق المروم اما فِي اثناء انْعِقَاد المؤتمر فان الْبَاب العالي كَانَ مُعْتَمدًا على القانون الاساسي وَفِي الاصل كونستيتوسيون الَّذِي تفضل بِهِ سلطاننا الْمُعظم متكفلا بتحقيق اصلاح عَام لم يعْهَد لَهُ نَظِير مُنْذُ ابْتِدَاء الدولة السُّلْطَانِيَّة فَرَأى انه من الْوَاجِب عَلَيْهِ ان يُنكر الطّلب الْمشْط فِي تَمْيِيز بعض الولايات بالاصلاح دون غَيرهَا وينبذ ايضا كل مَا من شَأْنه ان يجحف باستقلال الدولة الْعلية وبسلامة ممالكها وَهَذَا عين مَا اعلنته دولة انكلترا وقبلته سَائِر الدول فان هَذَا الاعلان بني على اسْتِقْلَال الدولة وعَلى ان يكون فِي بعض الولايات تنظيمات تتكفل بِمَنْع سوء الادارة من قبل المأمورين وقصرهم عَن التَّصَرُّف الْمُطلق فَهَذِهِ التنظيمات الْمَطْلُوبَة مُحَققَة فعلا فِي الْمِنْهَاج السياسي الْجَدِيد الَّذِي انشئ فِي الممالك من دون فرق فِي لُغَات اهلها وَلَا فِي مذاهبهم ثمَّ عقد مجْلِس المشورة العثماني فِي الاستانة فاجتمعت فِيهِ اعضاؤه بانتخاب جرى على وَجه الِاخْتِيَار وَالْحريَّة فان كَانَ اُحْدُ يُعَارض فِي طَريقَة هَذَا الاصلاح الَّذِي لقرب عَهده يظنّ تَأْخِير الثَّمَرَة الْمَطْلُوبَة مِنْهُ يُقَال لَهُ ان هَذِه الْمُعَارضَة هِيَ ضد مَا رامته الدول من الاصلاح اما التامين فِي دَاخل المملكة فان الصُّلْح اسْتَقر بَين الْبَاب العالي والصرب وَمَا زَالَت الْمُفَاوضَة جَارِيَة مَعَ وَفد الْجَبَل الاسود وفيهَا اظهر لَهُم الْبَاب العالي مساهلة عَظِيمَة وَفِي خلال ذَلِك طَرَأَ من سوء البخت امْر جَدِيد وَهُوَ مُبَالغَة دولة الروسيا فِي تجهيز عساكرها فاوجب ذَلِك على الْبَاب العالي ان يستعد لدفع الْخطر عَنهُ مَعَ ان اقصى مرامه ان يتشبث بالوسائل المؤدية إِلَى السّلم والسلامة