الَّذِي كَانَت فِيهِ جَمِيع الدول المسيحية متألبة عَلَيْهَا وَمَا ذَلِك الا لكَون الدولة حمت من التجأ اليها من رُؤَسَاء الثورة المجرية سنة 1848 وامتنعت عَن تسليمهم إِلَى النمسا والروسيا رغما عَن تهديداتهم وَلَوْلَا ذَلِك لاعدم جَمِيع زعماء المجر وخصوصا الوطني الشهير كسوت بِخِلَاف الروسيا فانها ساعدت النمسا بخيلها ورجلها على اقماع الثورة واذلال الامة المجرية بعد ان كَادَت تفوز بالنجاح وتتمتع بِالْحُرِّيَّةِ وتنفصل عَن النمسا تَمام الِانْفِصَال كَمَا كَانَت امنيتها
فَلَمَّا ظهر عداء الروسيا للدولة الْعلية جهارا اثناء انْعِقَاد مؤتمر الاستانة تجمهر تلامذة الْمدَارِس الْعليا فِي بودابست عَاصِمَة المجر وتباحثوا فِي الْكَيْفِيَّة الَّتِي يعربون بهَا عَن ولائهم للدولة الْعلية فاقروا على ارسال وَفد من اثْنَي عشر تلميذا مِنْهُم ليقدم سَيْفا ثمينا لعبد الْكَرِيم باشا قَائِد عُمُوم الجيوش التركية
فَأتى الْوَفْد إِلَى الاستانة فِي اوائل يناير سنة 1877 وَطلب مُقَابلَة السردار الاكرم فاذن لَهُم وَلما مثلُوا امامه فَاه احدهم بِخطْبَة مُنَاسبَة للمقام ذكر فِيهَا مَا للدولة من الايادي الْبيض على بِلَادهمْ بحمايتها زعماء حريتها وَتمنى لَهُ ولدولته الْعلية الْفَوْز والنجاح على الروس اعداء الْحُرِّيَّة ومبيديها فِي بِلَاد لهستان بولونيا والمجر ثمَّ قدم لَهُ السَّيْف فاقتبل عبد الْكَرِيم باشا السَّيْف بِكُل ارتياح وارتجل صفوت باشا نَاظر الخارجية الَّذِي كَانَ حَاضرا هَذِه الْمُقَابلَة خطابا بليغا اتى فِيهِ على سَابِقَة ارتباط الامتين العثمانية والمجرية وتاسف على اصغاء المجر للدسائس الاجنبية وانفصالها عَن الدولة الْعلية وَقَالَ فِي الختام ان انْفِصَال الايالات المسيحية عَنْهَا وَاحِدَة بعد الاخرى لم يكن الا نتيجة حسن معاملاتها للسكان المسيحيين وَعدم اجبارهم على اعتناق الدّين الاسلامي وَترك دين وعوائد اجدادهم الاولين
لما انفض مؤتمر الاستانة بعد رفض الدولة والامة لطلباته غير الحقة وانسحاب اعضائه مَعَ جَمِيع القناصل من الاستانة مَا عدا الجنرال اغناتيف الروسي كتب الْبُرْنُس غورشا كوف إِلَى سفراء الروسيا لَدَى فرنسا وانكلترا والنمسا والمانيا وايطاليا نشرة بتاريخ 31 يناير سنة 1877 يشْرَح فِيهَا رفض الدولة الْعلية لقرار المؤتمر وَيطْلب مِنْهُم الاستفسار من الدول عَمَّا يرغبون اجراءه مَعَ الدولة بعد ذَلِك