دَائِما فِي الْعَمَل باجرة تافهة كهذه وَلما صدرت سِهَام الشّركَة لم يقبل الْجُمْهُور على شِرَائهَا لمعارضة الجرائد الانكليزية لهَذَا الْمَشْرُوع فَبَقيَ فِي ايديها مائَة وَسَبْعَة وَسَبْعُونَ الف وسِتمِائَة وَاثْنَانِ واربعون سَهْما قيمَة كل مِنْهَا خَمْسمِائَة فرنك أَي ان ثمنهَا عبارَة عَن ثَلَاثَة ملايين وَخَمْسمِائة وَخمسين الف جنيه مصري وَزِيَادَة فَحسن المسيو دي ليسبس للمرحوم سعيد باشا ان يَشْتَرِيهَا للحكومة المصرية فاشتراها
وَلما طلب مِنْهُ عشري ثمنهَا عِنْد الِابْتِدَاء فِي الْعَمَل اقترضه لَهُ وَرُبمَا كَانَ هَذَا اول دُيُون مصر الَّتِي تربو الْآن على مائَة مليون وَسِتَّة ملايين من الجنيهات المصرية وَلم ينْتَظر المسيو دي ليسبس تَصْدِيق الدولة بل ابْتَدَأَ فِي الْعَمَل
وَلما لاحظت الدولة الْعلية على ان ذَلِك مُخَالف لنَصّ الفرمان الْمُعْطى للشَّرِكَة من سعيد باشا اجابها ان هَذِه اعمال ابتدائية ضَرُورِيَّة لتخطيط الْمَشْرُوع وَلَا تعْتَبر بَدَأَ فِي الْعَمَل واخيرا بعد ان دارت المخابرات عدَّة سنوات بَين الشّركَة وَالْبَاب العالي والحكومة الفرنساوية الَّتِي تدخلت لحماية هَذَا الْمَشْرُوع الفرنساوي ارسل الْبَاب العالي إِلَى المسيو دي ليسبس بلاغا فِي 6 ابريل سنة 1863 مفاده ان الدولة ترى ان امتلاك الشّركَة للاراضي الْوَاقِعَة على ضفتي الترعة الحلوة وزراعتها بمعرفتها مِمَّا يضر بِحُقُوق السلطنة فِي مصر اذ يَجْعَل لدولة اجنبية حقوقا فِي مصر خُصُوصا إِذا انشئت بهَا مستعمرات زراعية يُؤْتى لَهَا بالزراع من الْخَارِج وَلذَلِك لَا تصدق على هَذَا الْمَشْرُوع الا إِذا ضمنت جَمِيع الدول حريَّة القنال المُرَاد انشاؤه كَمَا ضمنت بوغازي الاستانة وان تتْرك الشّركَة حُقُوقهَا فِي الترعة العذبة وَمَا على ضفافها من الاراضي وان لَا يسْتَعْمل المصريون قهرا فِي اشغال الشّركَة اذ كَانَ يستغل بهَا فِي هَذِه الاثناء نَحْو سِتِّينَ الف مصري بطرِيق السخرة وامهلت الدولة الشّركَة سِتَّة اشهر لاعطاء الْجَواب والا يسْقط حَقّهَا فِي جَمِيع الاراضي الممنوحة لَهَا
وَلما انْقَضى هَذَا الاجل وَلم تجب الشّركَة بِشَيْء اعلنتها الْحُكُومَة المصرية بِسُقُوط حَقّهَا فِي 12 اكتوبر سنة 1863 فارعد المسيو دي ليسبس وازبد وتدخلت فرنسا وَكَاد الامر يُفْضِي إِلَى ارتباكات سياسية فَقبلت الْحُكُومَة المصرية بِحكم