ذَوي الْحَرْف والصنائع قد تعارفوا على مُعَاملَة مَخْصُوصَة تقررت بَينهم وَالْعرْف الطَّارِئ مُعْتَبر فَلَا يبْقى مَا يُوجب الْبَحْث الا بعض شُرُوط خَارِجَة عَن الْعرف وَالْعَادَة تشْتَرط فِي الْمُعَامَلَات المتفرقة فِي الاخذ وَالعطَاء وَلَيْسَ لهَذِهِ الْمُعَامَلَات شَأْن يُوجب الاعتناء بالبحث عَنْهَا فَمَا مست الْحَاجة فِي تيسير معاملات الْعَصْر إِلَى اخْتِيَار قَول ابْن شبْرمَة الْخَارِج عَن مَذْهَب الْحَنَفِيَّة وَلِهَذَا حصل الِاكْتِفَاء بِذكر الشُّرُوط الَّتِي لَا تفْسد البيع عِنْد الْحَنَفِيَّة فِي الْفَصْل الرَّابِع من الْبَاب الاول كَمَا وَقع فِي سَائِر الْفُصُول قد ذكر فِي الْمَادَّة السَّابِعَة وَالتسْعين بعد الْمِائَة والمادة الْخَامِسَة بعد الثَّمَانِينَ انه لَا يَصح بيع الْمَعْدُوم وَالْحَال ان مَا كَانَ مثل الْورْد والخرشوم من الازهار والخضروات والفواكه الَّتِي يتلاحق ظُهُور محصولاتها يَصح فِيهِ البيع إِذا كَانَ بعض محصولاتها ظهر وَبَعضهَا لم يظْهر لانه لما كَانَ ظُهُور محصولاتها دفْعَة وَاحِدَة غير مُمكن وانما تظهر افرادها وتتناقص شَيْئا بعد شَيْء اصْطلحَ النَّاس فِي الْعَامِل على بيع جَمِيع محصولاتها الْمَوْجُودَة والمتلاحقة بصفقة وَاحِدَة وَلذَا جوز الامام مُحَمَّد بن حُسَيْن الشَّيْبَانِيّ رَحمَه الله تَعَالَى هَذَا البيع اسْتِحْسَانًا وَقَالَ اجْعَل الْمَوْجُود اصلا والمعدوم تبعا لَهُ وافتى بقوله الامام الفضلي وشمس الائمة الْحلْوانِي وابو بكر بن فضل رَحِمهم الله تَعَالَى وَحَيْثُ ان ارجاع النَّاس من عَادَتهم الْمَعْرُوفَة عِنْدهم غير مُمكن كَمَا ان حمل معاملتهم بِحَسب الامكان على الصِّحَّة اولى من نسبتها إِلَى الْفساد وَقع الِاخْتِيَار لترجيح قَول مُحَمَّد رَحمَه الله فِي هَذِه الْمَسْأَلَة كَمَا هُوَ مندرج فِي الْمَادَّة السَّابِعَة بعد الْمِائَتَيْنِ
وَفِي بيع الصُّبْرَة كل مد بِكَذَا عِنْد الامام الاعظم رَضِي الله عَنهُ يَصح البيع فِي مد وَاحِد فَقَط وَعند الامامين رحمهمَا الله تَعَالَى يَصح فِي جَمِيع الصُّبْرَة فمهما بلغت الصُّبْرَة يَأْخُذهَا المُشْتَرِي وَيدْفَع ثمنهَا بِحِسَاب الْمَدّ بِسعْر مَا جرى عَلَيْهِ العقد وَحَيْثُ ان كثيرا من الْفُقَهَاء مثل صَاحب الْهِدَايَة قد اخْتَارُوا قَول الامامين فِي ذَلِك تيسيرا لمعاملات النَّاس حررت هَذِه الْمَسْأَلَة فِي الْمَادَّة الْعشْرين بعد الْمِائَتَيْنِ على مُقْتَضى قَوْلهمَا واكثر مُدَّة خِيَار الشَّرْط عِنْد الامام رَحمَه الله تَعَالَى ثَلَاثَة ايام وَعند الامامين تكون الْمدَّة على قدر ماشرط المتعاقدان من الايام وَلما كَانَ قَوْلهمَا هُنَا ايضا اوفق للْحَال والمصلحة وَقع عَلَيْهِ الِاخْتِيَار وَذكر بِدُونِ مُدَّة الايام الثَّلَاثَة فِي الْمَادَّة الثلاثمائة وَهَذَا الْخلاف جَار ايضا فِي خِيَار النَّقْد الا ان عدم تَقْيِيد الْمدَّة