الْعَصْر فَحَيْثُ جرت الْعَادة بَان الدَّار الْوَاحِدَة تكون بيوتها مُخْتَلفَة فِي الشكل وَالْقدر لزم عِنْد البيع رُؤْيَة كل مِنْهَا على الِانْفِرَاد وَفِي الْحَقِيقَة فاللازم فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وامثالها حُصُول علم كَاف بِالْمَبِيعِ عِنْد المُشْتَرِي وَمن ثمَّ لم يكن الِاخْتِلَاف الْوَاقِع فِي مثل الْمَسْأَلَة الْمَذْكُورَة تغييرا للقاعدة الشَّرْعِيَّة وانما تغير الحكم فِيهَا بِتَغَيُّر احوال الزَّمَان فَقَط وتفريق الِاخْتِلَاف الزماني وَالِاخْتِلَاف البرهاني الْوَاقِع هُنَا وتمييزها محوج إِلَى زِيَادَة التدقيق وامعان النّظر فَلَا جرم ان الاحاطة بالمسائل الْفِقْهِيَّة وبلوغ النِّهَايَة فِي مَعْرفَتهَا امْر صَعب جدا وَلذَا انتدب جمع من فُقَهَاء الْعَصْر وفضلائه لتأليف كتب مُطَوَّلَة مثل كتاب الْفَتَاوَى التاتارخانية خَانِية والعالمكيرية الْمَشْهُورَة الان بالفتاوي الْهِنْدِيَّة وَمَعَ ذَلِك فَلم يقدروا على حصر جَمِيع الْفُرُوع الْفِقْهِيَّة والاختلافات المذهبية وَفِي الْوَاقِع فان كتب الفتاوي هِيَ عبارَة عَن مؤلفات حاوية لصور مَا حصل تطبيقه من الْحَوَادِث على الْقَوَاعِد الْفِقْهِيَّة وافتيت بِهِ الفتاوي فَمَا مر من الزَّمَان وَلَا شكّ ان الاحاطة بِجَمِيعِ الْفَتَاوَى الَّتِي افتى بهَا عُلَمَاء السَّادة الْحَنَفِيَّة فِي العصور الْمَاضِيَة عسر للغاية وَلِهَذَا جمع ابْن نجيم رَحمَه الله تَعَالَى كثيرا من الْقَوَاعِد الْفِقْهِيَّة والمسائل الْكُلية المندرج تحتهَا فروع الْفِقْه فَفتح بذلك بَابا يسهل التَّوَصُّل مِنْهُ إِلَى الاحاطة بالمسائل وَلَكِن لم يسمح الزَّمَان بعده بعالم فَقِيه يحذو حذوه حَتَّى يَجْعَل اثره طَرِيقا وَاسِعًا واما الان فقد ندر وجود المتبحرين فِي الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة فِي جَمِيع الْجِهَات وفضلا عَن انه لَا يُمكن تعْيين اعضاء فِي المحاكم النظامية لَهُم قدرَة على مُرَاجعَة الْكتب الْفِقْهِيَّة وَقت الْحَاجة لحل الاشكالات فقد صَار من الصعب ايضا وجود قُضَاة للمحاكم الشَّرْعِيَّة الكائنة فِي الممالك المحروسة
بِنَاء على ذَلِك لم يزل الامل مُعَلّقا بتأليف كتاب فِي الْمُعَامَلَات الْفِقْهِيَّة يكون مضبوطا سهل المأخذ عَارِيا من الاختلافات حاويا للاقوال المختارة سهل المطالعة على كل اُحْدُ لانه إِذا وجد كتاب على هَذَا الشكل حصل مِنْهُ فَائِدَة عَظِيمَة عَامَّة لكل من نواب الشَّرْع وَمن اعضاء المحاكم النظامية والمأمورين بالادارة فَيحصل لَهُم بمطالعته انتساب إِلَى الشَّرْع ولدى الايجاب تصير لَهُم ملكة بِحَسب الوسع يقتدرون بهَا على التَّوْفِيق مَا بَين الدَّعَاوَى وَالشَّرْع الشريف فَيصير هَذَا الْكتاب مُعْتَبرا مرعي الاجراء فِي المحاكم الشَّرْعِيَّة مغنيا عَن وضع قانون لدعاوى الْحُقُوق الَّتِي ترى فِي المحاكم