يَأْبَى الْقَلَم تسطيرها خُصُوصا مَا اتاه الجنر بيليسيه من اعدام قَبيلَة بنسائها واطفالها حرقا دَاخل الْغَار الَّذِي التجأوا اليه
وَلَكِن ابت سياسة اوروبا المسيحية الا التعامي عَن كل مَا ياتونه مَعَ الشرقيين وتجسيم اقل حَادث يحدث فِي الشرق وَلَو بايعازهم ترويجا لسياستهم ونسوا اقوال الْمَسِيح عَلَيْهِ وعَلى نَبينَا افضل الصَّلَاة وازكى السَّلَام المسطرة فِي نسخ الانجيل المتداولة بَين ايدي جَمِيع الطوائف المسيحية القاضية بَان يُعَامل الانسان غَيره بِمَا يُرِيد ان يعامله الْغَيْر بِهِ
وَفِي اثناء ذَلِك انْعَقَدت بِمَدِينَة بيروت لجنة اوروبية مشكلة من مندوبين مُعينين من قبل الدول الموقعة على معاهدة باريس وَبعد مداولات طَوِيلَة اتَّفقُوا مَعَ فؤاد باشا على ان يُعْطوا للمسيحيين الَّذين حرقت دُورهمْ مبلغ خَمْسَة وَسبعين مليون قِرْش بِصفة تعويض وان يمنح اهالي الْجَبَل حُكُومَة مُسْتَقلَّة تَحت سيادة الدولة الْعلية يكون حاكمها مسيحي الْمَذْهَب وان يكون للباب العالي حامية من ثلثمِائة جندي تقيم فِي حصن على الطَّرِيق الْموصل من دمشق إِلَى بيروت
ثمَّ عين بالاجماع من يدعى دَاوُد افندي الارمني الْجِنْس اميرا للجبل لمُدَّة ثَلَاث سنوات لَا يُمكن عَزله الا بِاتِّفَاق الدول وَبِذَلِك انْتَهَت ايضا هَذِه الْمَسْأَلَة بِحسن مساعي فؤاد باشا كَمَا انْتَهَت بَاقِي الْمسَائِل الَّتِي سبقتها وَلَو يكيفية مجحفة بِحُقُوق الدولة الا انه بِهَذَا التساهل منع تدخل الدول بِصفة شَدِيدَة والزم فرنسا بسحب جيوشها من الشَّام
وَبعد خُرُوج الجيوش الفرنساوية من بيروت بِعشْرين يَوْمًا توفّي السُّلْطَان عبد الْمجِيد خَان وانتقل إِلَى رَحْمَة مَوْلَاهُ فِي 17 ذِي الْحجَّة سنة 1277 هـ يونيو سنة 1861 وَدفن رَحمَه الله فِي قبر اعد لَهُ فِي حَيَاته بجوار جَامع السُّلْطَان سليم وعمره اربعون سنة وكسور وَمُدَّة حكمه 22 سنة وَنصف وَهُوَ الَّذِي انشأ النيشان المجيدي الْعلي الشَّأْن وَقدمه على نيشان الافتخار الَّذِي اسسه السُّلْطَان الْغَازِي مَحْمُود الثَّانِي وَفِي يَوْم مَوته بُويِعَ بالخلافة لاخيه