الانكليز والنمسا كَمَا سَيَجِيءُ وَلما علمت الْحُكُومَة الانكليزية ان المرحوم مُحَمَّد عَليّ باشا مهتم فِي ارسال العساكر والذخائر من طَرِيق الْبَحْر إِلَى الشَّام ارادت ان تعارضه وتعاكسه اما باخذ دونانمته اَوْ تشتيتها وتفريقها ليتعذر ارسال المدد برا لوُجُود الصَّحرَاء الرملية الفاصلة بَين مصر وَالشَّام من طَرِيق الْعَريش فَأرْسلت اوامرها فِي اوائل شهر يوليو سنة 1840 إِلَى الكومودور نابير بِأَن يتَوَجَّه بمراكبه إِلَى مياه الشَّام ومصر لاستخلاص الدونانمة التركية لَو خرجت من ميناء الاسكندرية واسر اَوْ احراق الدونانمة المصرية لَو قابلها فَلَمَّا علمت فرنسا بِهَذَا الْخَبَر أرْسلت إِحْدَى بوارجها البخارية إِلَى بيروت لتبليغ قَائِد الجيوش المصرية هَذَا الْخَبَر المشؤوم فَرَجَعت فِي الْحَال المراكب المصرية إِلَى الاسكندرية حَتَّى إِذا وصل الكومودور نابير لم يجدهَا فاغتاظ لذَلِك وَيُقَال انه قبل ان يبارح مياه بيروت ارسل إِلَى سُلَيْمَان باشا كتابا بتاريخ 24 يوليو يظْهر لَهُ فِيهِ تكدره من اجراءآت القواد المصريين فِي الشَّام ومعاملتهم الثائرين بالقسوة وانهم ان لم يكفوا عَن اعمالهم البربرية على زَعمه اضْطر للتدخل وانزال عساكره إِلَى بيروت فاجابه سُلَيْمَان باشا بانه لَا يقبل ملحوظاته ويعلمه بانه لَا يخاطبه من الْآن فَصَاعِدا وَإِذا كَانَ عِنْده ملحوظات مثل هَذِه فليبدها لمُحَمد عَليّ باشا

وَلم يَبْتَدِئ شهر اغسطس سنة 1840 الا وَقد ورد خبر معاهدة 15 يوليو إِلَى مصر وَالشَّام ووردت الاوامر إِلَى الدونانمة الانكليزية بمحاصرة سواحل الشَّام واسر المراكب المصرية حربية كَانَت اَوْ تجارية فَعَاد نابير إِلَى بيروت بعد ان اخذ فِي طَرِيقه كل مَا قابله من المراكب وَوَصلهَا فِي 15 جُمَادَى الثَّانِيَة 1256 14 اغسطس 1840 واعلن العساكر المصرية باخلاء بيروت وعكا فِي اقْربْ وَقت وَنشر فِي انحاء الشَّام منشورات لاعلام الاهالي بِمَا قَرّرته الدول من بَقَاء الشَّام لمصر مَا عدا عكا وتحريضهم على الْعِصْيَان على الْحُكُومَة المصرية واظهار ولائهم للدولة الْعلية العثمانية

وَفِي الْيَوْم الْمَذْكُور 15 جماد الثَّانِي بلغت هَذِه المعاهدة رسميا إِلَى مُحَمَّد عَليّ باشا واتت اليه بعد ذَلِك قناصل الدول الاربع المتحدة وعرضوا عَلَيْهِ باسم دولهم ان تكون ولَايَة مصر لَهُ ولورثته وَولَايَة عكا لَهُ مُدَّة حَيَاته وامهلوه عشرَة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015