بحالتها الحالية الْوُقُوف امام الجيوش الاوروبية المنتظمة
فَلَمَّا اقتنع الْحَاضِرُونَ باصابة فكره وضرورة اصلاح الجندية واقروا على هَذَا المبدأ الْحسن قَامَ كَاتب سر مكتوبجي الصَّدْر الاعظم وتلا عَلَيْهِم مَشْرُوعا محتويا على سِتَّة واربعين بندا ذكر بهَا بِكُل ايضاح كَيْفيَّة التنظيمات المُرَاد ادخالها وَبعد اقرار الجمعية عَلَيْهِ حرر بذلك محضرا خَتمه جَمِيع الْحَاضِرين حَتَّى ضباط الانكشارية وافتى بِجَوَاز الْعَمَل بهَا شرعا ومعاقبة من يُعَارض فِي انفاذها ثمَّ تَلا الْمَشْرُوع على جَمِيع ضباط الانكشارية فأقروا عَلَيْهِ لَكِن لم تكن موافقتهم الا ظاهرية فَقَط فانه لما ابتدئ فِي تَعْلِيم الضباط بِمَعْرِِفَة من تعين من ضباط الافرنج بِصفة معلمين تنبه الانكشارية إِلَى عواقب الامر وَعَلمُوا أَنه لَو تمّ هَذَا النظام كَانَ سَببا فِي ضيَاع كَافَّة امتيازاتهم من جِهَة والزموا بمراعاته مَعَ مَا فِيهِ من سلب حريتهم من جِهَة اخرى اخذوا يستعدون للثورة والعصيان ليوقفوا تنفيذه كَمَا فعلوا قبلا واستمالوا بعض الرعاع الَّذين اتَّبَعُوهُمْ طَمَعا فِي السَّلب والنهب
وَلما كَانَ يَوْم 8 ذِي الْقعدَة سنة 1240 24 يونيو سنة 1826 تعرض بَعضهم للجند وَقت التمرين فأصدر السُّلْطَان امْرَهْ بمعاقبة كل متعرض لَهُم بِالْقَتْلِ وَلذَا تجمع المتعصبون فِي مسَاء ذَلِك الْيَوْم وَتَآمَرُوا على الْعِصْيَان
وَكَانَ السُّلْطَان فِي سراي بشكطاش فَحَضَرَ على الْفَوْر ساريته وَجمع الْعلمَاء واخبرهم بِمَا ينويه الانكشارية فاستقبحوا عَمَلهم وشجعوه على المقاومة فاستدعى الْآيَات الطوبجية الَّتِي نظمها نوعا عقب تَوليته واستعد لقِتَال الثائرين وعزم على عدم التساهل مَعَهم خوفًا من تفاقم شرورهم واسترسالهم فِي التمرد والطغيان
وَفِي صباح 9 ذِي الْقعدَة 25 يونيو اخْرُج السُّلْطَان الْعلم النَّبَوِيّ الشريف وَسَار بِجُنُود الطوبجية يتقدمه الْعلم إِلَى ساحة آتٍ ميداني حَيْثُ كَانَ الثائرون مُجْتَمعين فِي هرج ومرج لَا مزِيد عَلَيْهِمَا وَتَبعهُ كثير من الْعلمَاء والطلبة وَلم يمض قَلِيل حَتَّى احاطت الطوبجية بالميدان واحتلت جَمِيع المرتفعات المشرفة عَلَيْهِ وسلطت مدافعها على الانكشارية من كل صوب فَخرج جَمِيع الانكشارية وتجمهروا