وَقَالَ الله تَعَالَى {وَالَّذين اتَّخذُوا من دونه أَوْلِيَاء مَا نعبدهم إِلَّا ليقربونا إِلَى الله زلفى إِن الله يحكم بَينهم فِيمَا هم فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِن الله لَا يهدي من هُوَ كَاذِب كفار} وَإِذا عرفت هَذِه الْقَاعِدَة فاعرف الْقَاعِدَة الثَّالِثَة وَهِي ان مِنْهُم من طلب الشَّفَاعَة من الاصنام وَمِنْهُم من تَبرأ من الاصنام وَتعلق بالصالحين مثل عِيسَى وامه وَالْمَلَائِكَة وَالدَّلِيل على ذَلِك قَوْله تَعَالَى {أُولَئِكَ الَّذين يدعونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبهم الْوَسِيلَة أَيهمْ أقرب ويرجون رَحمته وَيَخَافُونَ عَذَابه إِن عَذَاب رَبك كَانَ محذورا} وَرَسُول الله لم يفرق بَين من عبد الاصنام وَمن عبد الصَّالِحين بل كفر الْكل وَقَاتلهمْ حَتَّى يكون الدّين كُله لله وَإِذا عرفت هَذِه الْقَاعِدَة فاعرف الْقَاعِدَة الرَّابِعَة وَهِي انهم يخلصون لله فِي الشدائد وينسون مَا يشركُونَ وَالدَّلِيل على ذَلِك قَوْله تَعَالَى {فَإِذا ركبُوا فِي الْفلك دعوا الله مُخلصين لَهُ الدّين فَلَمَّا نجاهم إِلَى الْبر إِذا هم يشركُونَ} واهل زَمَاننَا يخلصون الدُّعَاء فِي الشدائد لغير الله فَإِذا عرفت هَذَا فاعرف الْقَاعِدَة الْخَامِسَة وَهِي أَن الْمُشْركين فِي زمَان النَّبِي اخف شركا من عقلاء مُشْركي زَمَاننَا لآن اولئك يخلصون لله فِي الشدائد وَهَؤُلَاء يدعونَ مشائخهم فِي الشدائد والرخاء وَالله اعْلَم بِالصَّوَابِ انْتهى
وَلما رأى السُّلْطَان مَحْمُود أَنه من الضَّرُورِيّ قمع هَذِه الفئة الَّتِي يخْشَى من امتدادها على تَفْرِيق كلمة الاسلام الامر الَّذِي جعله الاوروبيون مطمح انظارهم للتمكن من فَصم عرى اتحادهم وامتلاك بِلَادهمْ ولبعد ولايات الشَّام وبغداد عَن مَرْكَز الْفِتْنَة كلف مُحَمَّد عَليّ باشا وَالِي مصر ومؤسس عائلتها الخديوية بمحاربتها واسترجاع مَكَّة المشرفة وَالْمَدينَة المنورة من ايدي زعمائها وارسل اليه فرمانا بذلك فِي ذِي الْقعدَة سنة 1222 دسمبر سنة 1807 وَلما كَانَ ارسال الجيوش إِلَى بِلَاد الْعَرَب عَن طَرِيق الْبر امرا متعسرا ان لم يكن مستحيلا لانتشار الوهابيين فِي جَمِيع الطّرق وقطعهم المواصلات عزم مُحَمَّد عَليّ باشا على ارسالهم بطرِيق الْبَحْر الاحمر فَأمر بانشاء السفن فِي السويس لنقل الْجنُود إِلَى فرضة يَنْبع فَكَانَت