بِكُل صرامة واصدر اوامره بذلك وادخل اغلب ضباط الجيوش المنتظمة الَّتِي امْر بابطالها فِي جَيش الانكشارية بالوظائف الْعَالِيَة فَأخذُوا تَنْفِيذ رغائبه بِكُل اعتناء وَشدَّة فاغتاظ الانكشارية لذَلِك واتحدوا على مقاومته وتضافروا على الايقاع بِهِ وَلم يكن للبيرقدار معِين فِي تَنْفِيذ قَرَار الجمعية الا سِتَّة عشر الف مقَاتل اتت مَعَه من روستجق وَثَلَاثَة آلَاف جندي تَحت قيادة عبد الرَّحْمَن باشا رَئِيس الْجنُود المنتظمة سَابِقًا وَبَعض سفن حربية تَحت امرة امير الْبَحْر رامز باشا
ثمَّ لم يمض قَلِيل حَتَّى سَارُوا إِلَى فيليبه واظهروا التمرد والعصيان فارسل البيرقدار اثْنَي عشر الف مقَاتل من جيوشه لمحاربتهم وَلم يبْق الا اربعة آلَاف وَالثَّلَاثَة آلَاف الْقَائِد لَهُم عبد الرَّحْمَن باشا وَلذَلِك انتهز الانكشارية هَذِه الفرصة وَقَامُوا كَرجل وَاحِد فِي 27 رَمَضَان سنة 1223 16 نوفمبر سنة 1808 وَسَارُوا إِلَى سراي السُّلْطَان مصطفى بِقصد ارجاعه إِلَى عرش الْحُكُومَة فاعترضهم البيرقدار وقومهم مقاومة عنيفة وَلما احس بِأَن الضعْف قد دَاخل جيوشه وخشي من فوز الثائرين وعزل السُّلْطَان مَحْمُود أَمر بقتل مصطفى الرَّابِع وإلقاء جثته للثائرين كَمَا فعل مصطفى الرَّابِع مَعَ السُّلْطَان سليم الثَّالِث فَلَمَّا رأى الانكشارية جثة السُّلْطَان مصطفى زادوا هياجا واضرموا النَّار فِي السراي الملوكية لكَي يلجئوا البيرقدار على الْفِرَار مِنْهَا لَكِن فضل الصَّدْر الاعظم الْمَوْت على التَّسْلِيم لهَذِهِ الفئة الباغية والانصياع لطلباتها وَبَقِي يدافع هُوَ وَمن مَعَه حَتَّى مَاتَ حرقا وَيُقَال إِنَّه تحصن فِي اُحْدُ الابراج ثمَّ اشعل مَا كَانَ بِهِ من البارود وَمَات هُوَ وَمن مَعَه تَحت انقاضه وَلَو صحت هَذِه الرِّوَايَة أَو تِلْكَ فكلتاهما تشهدان على مَا كَانَ متصفا بِهِ من الشهامة والشجاعة وَأَنه يخْدم مبدأ لَا شخصا وَهَذَا المبدأ هُوَ اصلاح الجندية وتدريبها على النظامات المستحدثة لتحققه أَن الانكشارية مهما كَانَت قوتهم ومنعتهم لَا يقوون على الثَّبَات امام الجيوش المنتظمة المتقلدة اجود الاسلحة واتقنها
هَذَا وَفِي اثناء دفاع البيرقدار كَانَ امير الْبَحْر رامز باشا قد احضر ثَلَاث سفن حربية واوقفها بممر البوسفور وسلط مدافعها على ثكنات الانكشارية ثمَّ نزل إِلَى الْبر مَعَ فريق من البحارة والمدفعية وَسَار بهم لمساعدة البيرقدار