فتقهقرت الْجنُود الروسية المحتلة لولاية البغدان من غير مَا حَرْب وَلَا قتال
وعقب ذَلِك حصل الصُّلْح بَين فرنسا والروسيا بِمُقْتَضى معاهدة تلسيت فِي اول جُمَادَى الاول سنة 1222 7 يوليو سنة 1807 الَّتِي جَاءَ البند الثَّانِي وَالْعِشْرين وَمَا بعده مِنْهَا أَن الروسيا تكف عَن محاربة الدولة حَتَّى يتوسط نابليون بَين الطَّرفَيْنِ وانه بِمُجَرَّد مَا امضيت الْهُدْنَة الابتدائية تخلي جيوش الروسيا ولايتي الافلاق والبغدان بِدُونِ أَن تدْخلهَا الجيوش العثمانية حَتَّى يتم الصُّلْح نهائيا وَجَاء فِي المعاهدة السّريَّة الَّتِي اتّفق عَلَيْهَا نابليون واسكندر الاول قَيْصر الروسيا إِن لم يقبل الْبَاب العالي توَسط فرنسا بِسَبَب الْحَوَادِث الاخيرة الَّتِي حدثت بالاستانة أَو إِن لم يتم الْمَقْصُود بكيفية مرضية بعد قبُول هَذَا التَّوَسُّط بِخَمْسَة وَثَلَاثِينَ يَوْمًا فتتحد فرنسا مَعَ الروسيا على سلخ جَمِيع الولايات العثمانية بأوروبا مَا عدا الاستانة وَمَا حولهَا وتقسيمها فِيمَا بَينهمَا مَعَ ارضاء النمسا بِجُزْء يسير وَكَيْفِيَّة ذَلِك التَّقْسِيم أَن يكون لفرنسا بِلَاد بوسنه والبانيا الارنؤود وابيروس وبلاد اليونان ومقدونيا وللنمسا بِلَاد الصرب وللروسيا الافلاق والبغدان والبلغار واقليم تراس لغاية نهر ماريتسا رَاجع مؤلف المسيو لافاليه على تَارِيخ الدولة الْعلية
وَلَا يخفى مَا فِي هَذِه المعاهدة من الاضرار بِحُقُوق الدولة الْعلية والتخلي عَنْهَا وَتركهَا بمفردها امام الروسيا رغما عَن وعود فرنسا السَّابِقَة الَّتِي كَانَت سَببا فِي اثارة هَذِه الْحَرْب وناهيك مَا جَاءَ فِي المعاهدة السّريَّة من تَقْسِيم الاملاك المحروسة فَيظْهر للمطالع أَن كل وعود الاجانب للشرقيين وعود عرقوبية وسراب كَاذِب يحسبه الظمآن مَاء وَإِن اظهارهم لنا الْوَلَاء والصداقة لم يكن إِلَّا لنوال امانيهم والفوز بغاياتهم فالعاقل من لم يتَمَسَّك بذيل وعودهم وَلَا يخالج فكره