الدول يَد وَاحِدَة عَلَيْهَا وَلَو اظهرت لَهَا احداها التودد فَذَلِك لم يكن الا لغاية كامنة فِي النَّفس والتاريخ الحالي شَاهد عدل
وَبعد مخابرة طَوِيلَة امضيت بَين الدولة الْعلية والنمسا والروسيا والبندقية وبولونيا معاهدة كارلوفتس فِي 24 رَجَب سنة 1110 26 يناير سنة 1699
فَتركت الدولة بِلَاد المجر باجمعها واقليم ترنسلفانيا لدولة النمسا وتنازلت عَن مَدِينَة ازاق وفرضتها للروسيا فَصَارَ لَهَا بذلك يَد على الْبَحْر الاسود وزادت اهمية جوارها للدولة الْعلية اضعاف مَا كَانَت عَلَيْهِ من قبل وَردت لمملكة بولونيا مَدِينَة كامينك واقليمي بودوليا واوكروين وتنازلت للبندقية عَن بِحَيْثُ جَزِيرَة مورا إِلَى نهر هكساميلون واقليم دلماسيا على الْبَحْر الادرياتيكي باجمعه تَقْرِيبًا واتفقت مَعَ النمسا على مهادنة خمس وَعشْرين سنة وان لَا تدفع هِيَ اَوْ غَيرهَا شَيْئا للدولة الْعلية على سَبِيل الْجِزْيَة اَوْ مُجَرّد الْهَدِيَّة وبهذه المعاهدة فقدت الدولة جزأ لَيْسَ بِقَلِيل من املاكها باوروبا وزادت اطماع الدول فِي بلادها كَمَا سَيَأْتِي مفصلا
ويمكننا القَوْل بَان الِاتِّفَاق قد تمّ من ذَلِك التَّارِيخ بَين جَمِيع الدول ان لم يكن صَرَاحَة فضمنا على الْوُقُوف امام تقدم الدولة الْعلية اولا ثمَّ تَقْسِيم بلادها بَينهم شَيْئا فَشَيْئًا وَهُوَ مَا يسمونه فِي عرف السياسة بالمسالة الشرقية المبنية على الْخَوْف من انتشار الدّين الاسلامي وحلوله مَحل الدّين المسيحي لَيْسَ الا اما مَا يسترون خَلفه غاياتهم من الدفاع عَن حُقُوق الامم المسيحية الضعيفة الخاخعة للدولة فمما لم يعد اُحْدُ يغتر بِهِ
وَبعد اتمام هَذِه المعاهدة الَّتِي رُبمَا كَانَت اوخم عَاقِبَة لَوْلَا استظهار كوبريلي حُسَيْن