بِنِعْمَة الدولة وجاهر بعصيانها
فارسل صقللي حسن باشا مَعَ جَيش جرار لمحاربتهما وانتصر على قره يازيجي والجأه إِلَى الاحتماء بجبال جانق على الْبَحْر الاسود حَيْثُ توفّي من الْجراح الَّتِي اصابته فِي الْحَرْب تَارِكًا اخاه للاخذ بثأره وفعلا فَازَ الدلي حسن على صقللي حسن باشا وَقَتله على اسوار مَدِينَة توقات ثمَّ هزم وُلَاة ديار بكر وحلب ودمشق وحاصر مَدِينَة كوتاهية فِي سنة 1601 واستفحل امْرَهْ حَتَّى خيفت الْعَاقِبَة وَلما رات الدولة تجسم هَذِه النَّازِلَة اخذت فِي اسْتِعْمَال طرق السّلم والتودد فاجزلت اليه العطايا واغدقت عَلَيْهِ الهبات ثمَّ عرضت عَلَيْهِ ولَايَة بوسنه فَقبل بعد تعللات كَثِيرَة وَوضع السِّلَاح واعلن باخلاصه للدولة الْعلية سنة 1603 وسافر بجُنُوده من انْضَمَّ اليها من اخلاط الاكراد واوباش القرمان وَاسْتعْمل قوته لمحاربة الافرنج على حُدُود الدولة من جِهَة اوروبا حَتَّى هَلَكت جيوشه عَن آخرهَا فِي المناوشات المستمرة بَينهَا وَبَين عَسَاكِر المجر والنمسا واستراحت الدولة من شَرها
واعقبت هَذِه الثورة الْعَظِيمَة ثورة اخرى فِي نفس الاستانة الْعلية كَاد شَرها يتَعَدَّى إِلَى نفس الْخَلِيفَة الاعظم وَذَلِكَ ان جنود السباه أَي الخيالة طلبُوا من الدولة ان تعوض عَلَيْهِم مَا فقدوه من ريع الاقطاعات المعطاة لَهُم فِي بِلَاد آسيا الَّتِي كَانُوا يسمونها تمارا بِسَبَب فتْنَة قره يازيجي ودلي حسن بآسيا الصُّغْرَى وَلما لم يكن فِي وسع الدولة تَلْبِيَة طَلَبهمْ لنَقص دَخلهَا هِيَ ايضا بِسَبَب هَذِه الْفِتْنَة تمردوا وثاروا وطلبوا نهب مَا فِي الْمَسَاجِد من التحف الذهبية والفضية فاستعانت الدولة عَلَيْهِم بِجُنُود الانكشارية وادخلتهم فِي طاعتها بعد سفك الدِّمَاء وَلَو اتَّحد الانكشارية مَعَهم وساعدوهم على مطالبهم لخيف على حَيَاة الدولة من الدَّاخِل وَالْخَارِج