حَتَّى استطالت لقتل الْوُلَاة وعزل الْحُكَّام كلا وَلَو كَانَ قائدها الاسكندر المقدوني اَوْ ابراهيم باشا الْمصْرِيّ اَوْ نابليون الفرنساوي وَرب معترض يعْتَرض علينا فِي تَسْمِيَة ابراهيم باشا بالمصري مَعَ انه لم يُولد بهَا فنجاوبه ان ابراهيم باشا نشر الرَّايَة المصرية فِي بِلَاد الْعَرَب وَالشَّام وجنوب الاناطول والسودان وانتصر بالمصريين لَا بغيرهم وَلم يكن ذَلِك مِنْهُ الا لاعلاء شَأْن الوطن الْمصْرِيّ واستقلاله فِي الدَّاخِل وَنشر نُفُوذه فِي الْخَارِج وَلذَلِك حق لنا ان نُسَمِّيه الْمصْرِيّ بل الْمصْرِيّ الوحيد بعد وَالِده مُحَمَّد عَليّ باشا الْكَبِير ولنرجع إِلَى ذكر حروب الدولة مَعَ المجر فَنَقُول ان الْحَرْب كَانَت تَارَة لَاحَدَّ الْفَرِيقَيْنِ وطورا للْآخر فَقتل حسن باشا وَالِي الهرسك وَانْهَزَمَ وَالِي بود وَفتحت جيوش النمسا الَّتِي انْحَازَتْ إِلَى المجر عدَّة قلاع عثمانية ثمَّ استردها سِنَان باشا الصَّدْر الاعظم سنة 1595 وَفِي هَذَا الْموقع يجب علينا وعَلى كل عثماني التأسف والتحسر على عدم خُرُوج السُّلْطَان بِنَفسِهِ إِلَى الْحَرْب وتحجبه عَن اعين جيوشه وَعدم قيادتهم بِذَاتِهِ الشَّرِيفَة إِلَى ساحات النَّصْر فلولا ذَلِك لكَانَتْ الْغَلَبَة دَائِما لَهُم باذنه تَعَالَى فقد عودهم عز وَجل النَّصْر على الاعداء فِي زمن اجداده سُلَيْمَان وسليم الاول وَمن قبلهم لَان وجود الْخَلِيفَة الاعظم فِي رَأس جيوشه يبث فيهم روحا جَدِيدَة فيتحدون مَعَه قلبا وقالبا ويسيرون مَعَه إِلَى النَّصْر الْمُبين والفوز الْعَظِيم وَكم من فِئَة قَليلَة غلبت فِئَة كَثِيرَة باذن الله وَمِمَّا زَاد احوال المملكة ارتباكا اشهار الفلاخ والبغدان وترنسلفانيا الْعِصْيَان بالاتحاد وتحالفهم مَعَ رودلف الثَّانِي ملك النمسا وامبراطور المانيا على محاربة الدولة والحصول على الِاسْتِقْلَال فَسَار اليهم الصَّدْر الاعظم سِنَان باشا فِي سنة 1595 وَدخل مَدِينَة بوخارست عَاصِمَة الفلاخ عنْوَة ثمَّ انتصر عَلَيْهِ مخائيل امير الفلاخ الملقب فِي كتب الافرنج بالشجاع وَدخل مَدِينَة ترجوفتس وَقتل حاميتها ورئيسها فاخذ العثمانيون فِي الانسحاب والتقهقر خلف نهر الدانوب تَبِعَهُمْ مخائيل الفلاخي وانتصر عَلَيْهِم مرّة ثَانِيَة بِالْقربِ من مَدِينَة جورجيوا