فحول ذَلِك الْوَقْت واسْمه قره خَلِيل وَهُوَ الَّذِي صَار فِيمَا بعد وزيرا اولا باسم خير الدّين باشا بِأخذ الشبَّان من اسرى الْحَرْب وفصلهم عَن كل مَا يذكرهم بجنسهم واصلهم وتربيتهم تربية اسلامية عثمانية بِحَيْثُ لَا يعْرفُونَ ابا الا السُّلْطَان وَلَا حِرْفَة الا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله وَلعدم وجود اقارب لَهُم بَين الاهالي لَا يخْشَى من تحزبهم مَعَهم فاعجب السُّلْطَان اورخان هَذَا الرَّأْي وامر بانفاذه وَلما صَار عِنْده مِنْهُم عدد لَيْسَ بِقَلِيل سَار بهم إِلَى الْحَاج بكطاش شيخ طَريقَة البكطاشية باماسية ليدعو لَهُم بِخَير فَدَعَا لَهُم هَذَا الشَّيْخ بالنصر على الاعداء وَقَالَ فَلْيَكُن اسمهم يني تشارى ويرسم بالتركية هَكَذَا يكيجارى أَي الْجَيْش الْجَدِيد ثمَّ حرف فِي الْعَرَبيَّة فَصَارَ انكشاري
ثمَّ ارْتقى هَذَا الْجَيْش فِي النظام وَزَاد عدده حَتَّى صَار لَا يعول الا عَلَيْهِ فِي الحروب وَكَانَ هُوَ من اكبر واهم عوامل امتداد سلطة الدولة العثمانية كَمَا انهم خَرجُوا فِيمَا بعد عَن حدودهم وتعدوا واستبدوا بِمَا جعلهم سَببا فِي تَأَخّر الدولة وتقهقرها وَكَانَ ضباطهم يلقبون بالقاب غَرِيبَة فِي بَابهَا وَلكنهَا تدل على ان اولئك الْجنُود كَانُوا عائشين من انعامات السُّلْطَان وانهم كاولاده فَمن القابهم شوربجي باشي وعشي باشي وسْقا اغاشي واوده باشي إِلَى غير ذَلِك وَهَذِه الالقاب كَانَت عِنْدهم بِمَثَابَة العنوانات الْخَاصَّة بالرتب العسكرية ثمَّ انهم كَانُوا يعظمون ويجلون الْقُدُور الَّتِي كَانَت تقدم اليهم فِيهَا الماكولات فَكَانَ الانكشارية لَا يفارقون تِلْكَ الْقُدُور حَتَّى وَقت الْحَرْب وَكَانُوا يدافعون عَنْهَا دفاع الْجنُود عَن اعلامهم حَتَّى