الخاتمة:

أدى مقتل علي بن أبي طالب إلى انتهاء عصر من عصور الإسلام هو العصر الراشدي، وقيام عصر جديد هو العصر الأموي، استعادت الدولة خلاله وحدتها السياسية، واستأنفت الحركة الإسلامية نشاطها بعد التعثر الذي طرأ على وضعها منذ أواخر عهد عثمان بن عفان، ذلك أن انتقال الحكم من الخلفاء الراشدين إلى الأمويين في حكم الجماعة الإسلامية، يعد ثورة شاملة في التاريخ الإسلامي، ومنعطفًا مهمًا في مسيرة التطور الإسلامي، غير بشكل جذري المجتمع الإسلامي، وترك انطباعًا عميقًا في جميع نواحي الحياة السياسية، والاجتماعية والثقافية، والاقتصادية.

والواقع أن مقتل علي بن أبي طالب أزال عقبة كبيرة من أمام معاوية لتولي منصب الخلافة، وإن لم يجعل بابها مفتوحًا على مصراعيه له، فقد بايع الناس الحسن بن علي متحفظين، بفعل اختلاف الآراء حول السياسة العامة، أما معاوية فقد بويع له بالخلافة في بيت المقدس من قبل أهل الشام، ودعي بأمير المؤمنين، وإن كانت الخلافة قد أعلنت له من قبل يوم اجتماع الحكمين.

وتحرك معاوية بسرعة باتجاه العراق للسيطرة عليه، وبلغ ذلك الحسن وهو بالكوفة، فخرج على رأس جيش يقدر باثني عشر ألف مقاتل بقيادة قيس بن سعد، وفيهم عبد الله بن عباس، متوجهًا إلى المدائن، فلما وصل إلى ساباط شك في ولاء أتباعه بعد محاولة معاوية رشوة قائد جيشه، ونجح في استقطاب عبد الله بن عباس، فأضحى لا قبل له بمعاوية وجنده، فأدرك عندئذ أن موازين القوى السياسية، والعسكرية بين القوتين العراقية، والشامية لم تعد متكافئة، وأشفق على المسلمين من الفتن الدامية، وفضل انتهاج سياسة المفاوضات بهدف حقن دماء المسلمين، وبخاصة أنه فقد ثقته بأهل الكوفة بعد أن انسلخت جماعة منهم، وخرجت عليه واتهمته بالكفر، ثم هاجموه وجرحوه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015