بالغة الخطورة على الصعيدين الداخلي، والخارجي من جهة أخرى1، لقد حدث ذلك خلال يوم الدار، دار عثمان، عندما قرروا فجأة الانتقال إلى التنفيذ العملي، وقد استغلوا مقتل أحد عناصرهم نتيجة إصابته بحجر، أو بسهم من قبل أحد المدافعين عنه، فأشعلوا النار بأبواب منزله، وجرت بعض المناوشات بينهم، وبين المدافعين عنه.
ثم حدث أن أحجم عثمان عن الدفاع عن نفسه، وسرح المدافعين عنه، وقدم نفسه كضحية مستعدة للموت، وهو يتلو آيات من القرآن، وفجأة تراجع المهاجمون عن الدار، لكن بعضهم ممن عزم على قتله، وقد تورعوا عن الدخول من الباب، فتسلقوا دارًا مجاورة، فقد فتح عمرو بن حزم الأنصاري، جار الخليفة، باب داره، فدخل منه القتلة، واستقروا في جوف الدار، ودخلوا غرفته وتجاسروا على طعنه عدة طعنات، ثم انكبوا عليه بضراوة، كانوا ثلاثة أو أربعة من القادة المصريين، وكوفي واحد عده بعضهم في عداد المصريين هو عمرو بن الحمق الخزاعي2، حدث ذلك في "18 ذي الحجة 35هـ/ 17 حزيران 656م"3، وجرى دفن عثمان ليلًا، وسرًا بعد ثلاثة أيام في أسوأ الظروف4.
تعقيب على مقتل عثمان:
وهكذا وقع حادث كبير وخطير في تاريخ الإسلام، قاتم ومأساوي لفصل مثير في تاريخ الخلافة الراشدية التي أضحت أمام منعطف خطير سيترتب عليه عواقب وخيمة على الأمة الإسلامية بعامة، من واقع الانشقاقات، والانقسامات النهائية؛ لأن الهدوء سوف لن يدوم طويلًا بعد عثمان، فانطلق داخل الأمة عنف واسع دمر الطاقة الإسلامية الذاتية، وشل نهوض الأمة بما يتماثل والمراحل السابقة في عهدي الخليفتين أبي بكر وعمر، فانقسم المسلمون إلى جماعات، وأحزاب متناحرة تفجرت في الحرب الأهلية، إنها إحدى أخطر المراحل في التاريخ الإسلامي، وقد تفوقت بنتائجها السلبية على حركة الردة التي أمكن حصرها والقضاء عليها، وبرزت قوة الأمصار على حساب قوة المدينة بخاصة والحجاز بعامة، التي سوف تتراجع، وتتوارى في الظل.