وما سقت السماء، وكل ما سقي بالغرب1 نصف العشر، وفي الأربعين من الإبل ابنة لبون، وفي ثلاثين من الإبل ابن لبون ذكر، وفي كل خمس من الإبل شاة، وفي كل عشر من الإبل شاتان، وفي كل أربعين من البقر بقرة، وفي كلا ثلاثين من البقر تبيع، جذع أو جذعة، وفي كل أربعين من الغنم سائحة وحدها شاة، وأنها فريضة الله التي فرضها على المؤمنين في الصدقة2.

ويبدو أن هذه السياسة الاقتصادية ضايقت بعض الفئات اليمنية، وبخاصة الأعراب الذين شعروا بعدم قدرتهم على تحملها، ولذلك تكتلوا وراء الأسود العنسي.

كان الأسود العنسي كاهنًا، مشعوذًا، قوي الشخصية، يقيم في جنوب اليمن في كهف خبان من بلاد مذحج، بري الناس الأعاجيب بفنون من الحيل، ويستهوي الناس بعباراته، فتنبأ ولقب نفسه "رحمان اليمامة"3، وكان يزعم أن سحيقًا، وشقيقًا ملكين يأتيناه بالوحي، ولم ينكر نبوة محمد4.

وحظيت حركته بتأييد واسع، وبخاصة أنها نحت اتجاهًا قوميًا بتصديها للنفوذ الفارسي، وللمسلمين الذين ليسوا من أصول يمنية، وذلك بعد انتشار الإسلام في ربوع اليمن، واستمدت قوتها من الحلف القديم بين مذحج، وبعض قبائل خولان والأزد، وانضم إليه بعض المقاتلين من حمير، وأيدته نجران.

هاجم الأسود العنسي بعد أن وثق من قوته، مدينة نجران واستولى عليها، وطرد منها عمرو بن حزم عامل المسلمين عليها، وانضم أهل نجران إليه، ثم سار إلى صنعاء، واصطدم فيها بشهر بن باذان، وانتصر عليه وقتله واستولى على المدينة، وفر المسلمون منها، ومن بينهم معاذ بن جبل5.

وأخذ الأسود العنسي يدعو إلى نفسه، بعد هذه الانتصارات، وسرعان ما قوي أمره، واشتد ساعده بمن التف حوله من الأتباع، وسيطر على منطقة واسعة تمتد من حضرموت جنوبًا حتى حدود الطائف بما فيها قبيلة عك في تهامة غربي الحجاز، ومن الشواطي اليمنية على البحر الأحمر غربًا، وحتى الخليج شرقًا، وكانت جميع المدن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015