- من الناقمين على قريش1.

- لم يكونوا جميعهم من القراء.

وتبدو رواية سيف بن عمر التي رواها الطبري2، وذكرت بأن معاوية وصف هؤلاء بالشياطين، وبالأقوام التي ليست لهم عقول ولا أديان، وقد اندسوا بين الناس يملون عليهم ما يريدون من آرائهم بهدف تفرقة المسلمين، ونشر بذور الفتنة بينهم، وقد أثقلهم الإسلام وأضجرهم؛ غير واقعية؛ لأنها تعبر عن وجهة نظر معاوية، والأمويين بشأن السلطة، والدين ودور هؤلاء القبلي بعد تسلمهم الحكم، أكثر مما تعبر عن الأفكار السائدة في مرحلة الحدث3.

وفي عام "34هـ/ 654-655م" استدعى عثمان عماله إلى المدينة لبحث الأوضاع المتردية في الأمصار، وازدياد الشكوى، والتذمر بين الناس، فاستغل المعارضون في الكوفة، والمتعاطفون مع المبعدين خروج سعيد بن العاص، واستدعوا هؤلاء للعودة، وتعهدوا لهم بعدم السماح للوالي بالعودة إلى الكوفة، وأعلموهم بأنه لا طاعة لعثمان على ما ينكر منه4.

الواضح أن هذه الحركة التي منعت عودة والي الكوفة إلى عمله، هي مجرد حركة احتجاج عادية، ومحدودة لا تتسم بالإجماع، احترمها الخليفة حتى لا يكون لهؤلاء عليه حجة، فعزل سعيدًا بن العاص عن ولاية الكوفة، وولى مكانه أبا موسى الأشعري تلبية لرغبة المحتجين5، محافظًا بذلك، ظاهريًا على الأقل، على مرجعية المؤسسة الحاكمة، وعلى سلطته الخاصة، والتقليل من أهمية الأمر الواقع عليه، والتسليم به، مما ألحق ضررًا بمؤسسة الخلافة من واقع أنه حمل بذور الثورة العامة التي ستندلع في عام "35هـ/ 565م"، والتي ستنتهي بمقتله6، وقد حذر القعقاع بن عمرو قائد الجيش في الكوفة، وبالتالي صاحب القوة فيها من محاولات كهذه7، إلا أنه لم يكن يملك القوة المادية التي تساعده على مواجهة هذه الحركة، كما غادر الكوفة زعماء القبائل الذين عينوا عمالًا على أعمالها، فانعدم الضغط القبلي الأساسي، والذي كان يشكو أصلًا من خلل آني؛ لأن النفوذ القبلي كان شبه مدمر في الكوفة8.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015