الرحمن: ما يضرك من تمني حتى تزوي ما بين عينيك، فوالله لو شاء كان له، فقال الأشتر: والله لو رام ذلك ما قدر عليه، فغضب سعيد، وقال: إنما السواد بستان لقريش، فقال الأشتر: أتجعل مراكز رماحنا، وما أفاء الله علينا بستانًا لك ولقومك؟ والله لو رامه أحد لقرع قرعًا يتصأصًا1 منه"2، وفي رواية: "أتزعم أن السواد الذي أفاءه الله علينا بأسيافنا بستان لك، ولقومك! والله ما يزيد أوفاكم فيه نصيبًا إلا أن يكون كأحدنا، وتكلم القوم معه"3، ثم اعتدوا على صاحب الشرطة4، مما دفع أشراف الكوفة، الذين عارضوا سياسة هذه الفئة، إلى أن يرسلوا إلى الخليفة يطلبون منه إخراج هؤلاء النفر الذين خلقوا الفتنة في بلدهم5، كما كتب الوالي إلى عثمان يشرح له الأوضاع الصعبة التي تمر بها الكوفة، والتطورات اللاحقة فيها، وأكد له بأن رهطًا من أهل الكوفة "يؤلبون ويجتمعون على عيبك، وعيبي والطعن في ديننا، وقد خشيت إن ثبت أمرهم أن يكثروا"6، "وإني لا أملك من الكوفة مع الأشتر، وأصحابه الذين يدعون القراء، وهم السفهاء شيئًا"7، فسيرهم الخليفة إلى بلاد الشام.

لقد خلقت سياسة عثمان الإطار الملائم لتكثيف نشاط القراء في الكوفة، واتساع دائرة اهتمامهم لتشمل، بالإضافة إلى القرآن، مسائل أخرى تهم الحياة السياسية، فكون هؤلاء مجموعة متميزة ذات مضمون سياسي يختلف عن المضمون الديني، إذ إن اختراق القرآن لبني الفكر الديني للحركة السياسية هو الذي مكنهم من تجاوز الدولة على أساس امتلاكهم للمرجعية الأولى والأساسية، وهي القرآن8.

ومهما يكن من أمر، فإن الأسماء التي ذكرتها روايات المصدر أثناء استعراضها لمثير الشغب في مجلس سعيد بن العاص، وأسماء المسيرين إلى بلاد الشام9 أن هؤلاء كانوا:

- من أوائل المقاتلة المقيمين قديمًا في الكوفة.

- من ذوي المركز القبلي الثانوي، ولم يكونوا زعماء قبائل، وعلى الأكثر كانوا زعماء عشائر، أو أفخاذًا من عشائر10.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015