حرف قريش، كما أن هذه الخطوة تحد من نفوذ القراء بالاتجاه نحو المركزية، إذ لم يتهم أحد الخليفة بالتحريف، وأن الخلاف الذي نشأ حول هذه القضية هو أبرز مثال للصدام بين الاتجاه القبلي، والاتجاه الإسلامي في سياسة هذا الخليفة1.

والحقيقة أن هذه الخطوة تعد ظاهرة كبرى في تاريخ الإسلام الديني، والثقافي والسياسي، ترتبط ارتباطًا شديدًا ببروز الظاهرة القرآنية2، وهكذا أرسلت ست نسخ إلى مكة، والشام واليمن، والبحرين، والبصرة والكوفة، وبقيت نسخة في المدينة، وأمر الناس باعتمادها في القراءة، وإلغاء النسخ الأخرى. وبذلك حفظ كتاب الله من أن تحرفه لهجات الأعراب، واختلاف القارئين، كما تلافى اختلاف المسلمين في قراءتهم، وقضى على هذا الاختلاف.

توسيع الحمى 3:

انتقد بعض الصحابة وأهل المدينة، والأمصار عثمان على توسيعه الحمى، واستعرضت روايات المصادر هذه الخطوة من خلال معلومات عامة، وغير مباشرة4، والمعروف أن الأرض تحمى في وجهين:

الأول: في سبيل الله، فقد حمى النبي النقيع لخيل المسلمين وركابهم، وهو أول إحماء بالقرب من المدينة، إذ يبعد عنها نحو عشرين فرسخًا5، وحمى عمر نقيع الخضمات6، وخصصه لخيل المسلمين المعدة في سبيل الله.

الثاني: أن تحمى الأرض لنعم الصدقة إلى أن توسع مواضعها، وتفرق في أهلها7، فقد حمى أبو بكر الربذة لإبل الصدقة8، وحمى عمر الشرف9.

ونهج عثمان نهج النبي وخليفتيه، فأبقى حمى النقيع خاصًا لخيل المسلمين، وكان يحمل عليها في كل سنة خمسمائة فرس وألف بعير، كما كانت الإبل ترعى بناحية الربذة في حمى لها10، إلا أنه سرعان ما زاد في إبل الصدقة بسبب زيادتها، إذا بلغت في عهده نحو أربعين ألفًا، ومنح بعض عماله، وعددًا من الصحابة إذنًا بالإفادة منه، مثل مروان بن الحكم، وعبد الله بن مطيع، وعبد الرحمن بن عوف، وعد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015