الفاسق أي الرجل الذي لا يوثق بكلامه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6] إذ كان النبي قد وجهه على صدقات بني المصطلق، فعاد إليه قائلًا: "إنهم منعوا الصدقة"، ويضيف البلاذري بأن هذا التعيين كان له وقع سيئ1، وهذا التأكيد يضعف إيمان الوليد، وهو في حقيقة الأمر إدانة للدور الأموي، وموقف الأمويين بعامة من الدين الجديد أكثر من وصفه انتقادًا لعثمان لاستعماله له2، وذلك بسبب ما أورده البلاذري نفسه، والطبري، من أن عمر بن الخطاب استعمله على صدقات بني تغلب في الجزيرة الفراتية3.
ظل الوليد عاملًا على الكوفة حتى عام "30هـ/ 650-651م"، حينما عزله عثمان وولى مكانه سعيدًا بن العاص4، ويبدو أن حدثًا جرميًا كان وراء هذا العزل، فقد حصلت عملية سرقة، تلاها قتل، واعتقل القتلة وحاكمهم الوالي وأعدمهم، لكن ذويهم لم يتقبلوا الأمر، ويبدو لنا تفسير ذلك كأنه مؤشر للصعوبة القصوى التي يواجهها العرب المستحضرون ذووو الأصل البدوي في التسليم، والقبول بتدخل السلطة العامة في شئون الدم، وبدور الدولة العدلي5، والمعروف أن المقتولين كانوا من بني الأزد وأسد، وأضحى آباء الذين قتلوا أعداء شخصين للوليد، فترصدوه واقتفوا أثره وكانوا رجالًا معروفين من أهل الأيام، ثم ركزوا على نقاط ضعفه، وأوقعوا به أمام الخليفة الذي اضطر إلى عزله6.
والواضح أن العداوة الشخصية التي ينسبها الطبري في رواية سيف لا تكفي، إذا صح وجودها للإحاطة بكل القضية، فمن المرجح أن أعداء الوليد كانوا ينتمون إلى تلك الفئة الإسلامية، وليس القبلية التي تكن العداوة للدولة بسبب آرائه التحررية والانفتاحية، فقد ذكر الطبري أن الوليد "كان أحب الناس في وأرفقهم بهم، فكان كذلك خمس سنين، وليس على داره باب"7، ويبدو أن الاستنكار الذي أحاط به دينيًا بسبب أخلاقه، وماضيه، واجتماعيا بسبب سياسة التقرب من الفئات الشعبية المنضوية تحت المهاجرين الجدد؛ قامت به فئة اجتماعية نخبوية شعرت