ودفع علي بن أبي طالب إلى تسلم الخلافة في خطوة تكاد تكون انقلابية ضد سياسة سلفه، لكنه ما لبث أن واجه معارضة سياسية مغلفة بإطار الثأر لمقتل عثمان، وبدا التنافس السياسي على السلطة واضحا بين قادة المسلمين، مما انعكس سلبا على أوضاعهم وقدراتهم، فتراجعت حركة الفتوح، وواجه علي حركتين معارضتين لحكمه، تمثلت الأولى بخروج طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وعائشة أم المؤمنين، وانتهت هذه الحركة بانتصاره في حرب الجمل، وتمثلت الثانية بمعارضة بني أمية بزعامة معاوية بن أبي سفيان والي الشام، وقد تطورت إلى حرب دارت رحاها في صفين، وانتهت باتفاق الطرفين على التحكيم، لكن هذه الخطوة لم تنه الخصومة بين الهاشميين والأمويين، وأخذت الصعاب تلاحق عليًا في دولته حتى قتل على يد الخوارج، وانتهى بمقتله عصر صدر الإسلام.

اعتمدت في هذه الدراسة على مصادر أساسية، ومراجع متنوعة مبينة في ثبت المصادر والمراجع، وآمل بما اعتمدت عليه أن يخدم الحقيقة التاريخية.

أما تشكيل الموضوعات التي يراها القارئ بعناوينها، فقد قسمتها إلى أربعة أبواب تتضمن أربعة عشر فصلًا.

عالجت في الفصل الأول الأوضاع السياسية في الجزيرة العربية عقب وفاة النبي، حيث برزت مشكلتان سياسيتان أمام المسلمين، تمثلت الولى في اختيار خليفة للنبي، وتمثلت الثانية في بروز الردة بين القبائل العربية، وإذا كان المسلمون قد نجحوا في حل المشكلة الأولى باختيار أبي بكر الصديق خليفة عليهم، فقد أخذ هذا على عاتقه التصدي لحل المشكلة الثانية.

وعالجت في الفصل الثاني تفشي ظاهرة التنبؤ في المجتمع العربي، حيث ظهر المتنبئون مثل: الأسود العنسي في اليمن، ومسيلمة الكذاب في اليمامة، وطليحة الأسدي في بزاخة، وسجاح التميمية، وذي التاج لقيط في عمان.

وتطرقت في الفصل الثالث إلى حروب الردة التي خاضها المسلمون ضد المتنبئين، والمرتدين حتى القضاء عليهم، مما أتاح لأبي بكر إعادة الوحدة السياسية، والدينية للعرب في جزيرتهم.

وتضمن الفصل الرابع سجلًا بأوضاع الدولتين الفارسية، والبيزنطية عشية الفتوح الإسلامية من كافة الجوانب السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية والدينية، بالإضافة إلى العلاقات بينهما تلك التي اتسمت بالعدائية غالبًا، والمعروف أن الدولة الأولى كانت تمر بمراحل شيخوختها، وأن الثانية كانت تعاني من صعاب داخلية وخارجية، مما سمح للمسلمين بالإنسياب إلى أراضيهما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015