وأضحى لزامًا على المسلمين أن يتصرفوا ضمن حدود القرآن والسنة، وينشئوا نظامًا يفهم الاختلاف والفرقة، فأنشأوا نظام الخلافة.

واجه أبو بكر، خلائل حياته السياسية القصيرة بعد أن اختير أول خليفة على المسلمين، مشكلتين كبيرتين، تمثلتا بردة العرب عن الدين الإسلامي بعد وفاة النبي، وبالفتوح خارج الجزيرة العربية، لكنه ما لبث أن تغلب عليهما، فاستعادت الجزيرة العربية وحدتها، ودانت بالطاعة للحكومة المركزية في المدينة مما سمح ببدء عمليات الفتوح والتوسع في العراق، وبلاد الشام التي وضع أساسها النبي لنشر الدين الإسلامي بين القبائل العربية خارج الجزيرة العربية.

وواصل عمر بعد انتخابه خليفة، على أثر وفاة أبي بكر وبعهدته، عمل هذا الأخير، فاستكمل الفتوح في العراق، وبلاد الشام بالإضافة إلى بلاد فارس ومصر، وأضحى المسلمون في عهده عاملًا مهمًا في التاريخ العام بعد أن فتحوا هذه المناطق، وقضوا على الإمبراطورية الفارسية، وانتزعوا أملاكًا واسعة من الإمبراطورية البيزنطية، وهو الحدث الملفت في التاريخ الذي تم إنجازه في أعوام معدودة، وتميز بطول المسافة وإتساع الرقعة، وعمق الأثر ودوامه، وشهد عهده نقلة نوعية من واقع استكمال خطوات النبي في الانتقال من مرحلة التحالف القبلي إلى مرحلة الدولة الإسلامية، وذلك بما وضع من تنظيمات سياسية، واجتماعية واقتصادية نظمت العلاقات بين مختلف أفراد المجتمع الإسلامي من جهة، وبينهم وبين الدولة المركزية من جهة أخرى، بالإضافة إلى تنظيم العلاقات بين الدولة الإسلامية، وسكان البلاد المفتوحة، والواقع أن هذه العملية تتميز بالتعقيد؛ لأنها خرجت إثر انقلاب شامل في جميع مجالات الحياة، وترافقت مع انتشار الإسلام.

وفي الوقت الذي كانت فيه الدولة الإسلامية تسير بخطى واسعة، وثابتة نحو الاستقرار، تعرضت لاضطرابات داخلية نتيجة تنامي النفوذ السياسي، والاقتصادي "للأرستقراطية" القرشية، فتجدد التنافس بعد مقتل عمر بن الخطاب، بين بني هاشم وبني أمية، تجلى منذ اختيار عثمان بن عفان خليفة للمسلمين، وتعرضت سياسة هذا الخليفة للسخط من جانب بعض الشخصيات الإسلامية من واقع انقسام المجتمع الإسلامي على نفسه بين مؤيد لبني هاشم، ومؤيد لبني أمية، بالإضافة إلى الفرز الاجتماعي الناتج عن عمليات الفتوح، والمتمثل بتحديد العطاء، وتوزيع الثروات المحصلة من الغنائم، وتنامي قوة الأمصار على حساب القوة المركزية في المدينة، وقد أدى كل ذلك إلى مقتل عثمان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015