السكان في مصر لأشد أنواع الاضطهاد، وحرمان ديسقوروس وطرده من الكنيسة؛ بسبب ما جرى من محاولة تنفيذ قرارات مجمع خلقدونية بالقوة؛ إنما اتخذ صفة الثورات الوطنية العنيفة، ولم تقمعها السلطات إلا بعد أن أراقت دماء كثيرة.

وعندما استولى هرقل على الحكم، رأى أن ينقذ البلاد من الخلاف الديني، وأمل المصريون بانتهاء عهود الاضطهادات، وإراقة الدماء، ومن خلال البطريرك

سرجيوس، الذي أدرك خطورة الموقف، لم يأل جهدًا في أن يعيد للكنيسة الهدوء والسكينة، ذلك أنه اعتقد بقدرته على التوفيق بين المذهبين الخلقدوني، والمونوفيزيتي، فتبنى مذهبًا جديدًا يقوم على أن للمسيح طبيعتين لكن له مشيئة

واحدة -المونوثيلستية، إنه مذهب الفعل الواحد في المسيح، وهي وحدة تعرب عن وحدة الأقنوم1 "الشخص" لا عن وحدة الطبيعة، وأسند الرئاسة الدينية، والسياسية في مصر للمقوقس أسقف فاسيس في بلاد القوقاز، وطلب منه أن يحمل أهل مصر على اعتناق المذهب الجديد الموحد، غير أنه لم يدرك أن مذهبه هذا قد ترفضه كنيسة مصر، وهذا ما حصل، واضطر المقوقس للضغط على المصريين، وخيرهم بين أمرين: إما الدخول في مذهب هرقل الجديد، وإما الاضطهاد2.

وقبل أن يصل الحاكم الجديد إلى الإسكندرية في عام 631م هرب البطريرك القبطي بنيامين، توقعًا لما سيحل به، وبطائفته من الاضطهاد من جراء فرض المذهب الجديد3، كان هذا القرار نذيرًا أزعج الأقباط، وأفزع أهل الدين منهم، وبخاصة أنه كان لهذا البطريرك مكانة محببة بين الأقباط في مصر.

ولجأ المقوقس إلى البطش والتعذيب، وقاسى الأقباط جميع أنواع الشدائد فيما سمي "بالاضطهاد الأعظم"4، الذي استمر عشر سنوات، مما كان له أثر في سهولة فتح المسلمين لمصر حيث وقف السكان، بشكل عام، على الحياد في الصراع الإسلامي -البيزنطي على مصر.

فتح الفرما 5:

تقرر في عام "18هـ/ 639م"، تنفيذ القرار الذي اتخذ بفتح مصر في مؤتمر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015