طويل ومرير، وأمده يزدجرد بالرجال من شتى أنحاء المملكة1، والواضح أن الفرس أرادوا إغلاق طريق المدائن -حلوان أمام زحف المسلمين، فاختاروا جلولاء مكانًا لجولة أخرى.
تناهت أنباء الحشود الفارسية إلى مسامع سعد، فكتب إلى عمر يستطلع رأيه. فكتب إليه بأن يرسل هاشم بن عتبة إلى جلولاء على رأس اثني عشر ألفًا، وأن يجعل القعقاع بن عمرو على مقدمته، وسعدًا بن مالك على ميمنته، وعمرو بن مالك على ميسرته، وعمرو بن مرة الجهني على الساقة2.
ويبدو أن منطقة عمليات مهران كانت أوسع من منطقة جلولاء، ولعلها شملت جميع القوات الفارسية المتواجدة بين حلوان والمدائن3.
خرج هاشم من المدائن على رأس الجيش الإسلامي وهو على تعبئة، ووصل إلى جلولاء بعد أربعة أيام، وضرب عليها حصارًا مركزًا استمر الحصار مدة ثمانين يومًا تخلله مناوشات، وكر وفر من كلا الجانبين قبل أن يشتبكا في قتال ضار "لم يقاتل المسلمون مثله في موطن من المواطن حتى نفذ منهم النبل والنشاب، وتطاعنوا بالرماح حتى كسروها، ثم فضوا إلى السيوف والطبرزينات"4.
وانقض عقد الفرس وتراجعوا، فاقتحم المسلمون المدينة، وكبدوا العدو آلاف القتلى، فجللوا المجال وما أمامه وما خلفه، ولذلك سميت جلولاء بما يجللها من قتلاهم، وتم فتح المدينة في "أول ذي القعدة 16هـ/ 24 تشرين الثاني 637م"5.
وأصاب المسلمون من الفيء، والمغانم أفضل مما أصابوا في القادسية.
فتح حلوان:
بعد أن تمت هزيمة الفرس في جلولاء، أرسل سعد القعقاع بن عمرو إلى حلوان بناء على تعليمات عمر، وأمده بأكثر من ثلاثة آلاف مقاتل إضافة إلى من اصطحبهم معه، فانطلق في آثار الفرس إلى خانقين6، وسانده الجنود الفرس الذين أسلموا، فأدرك سبيًا كثيرًا عرف في التاريخ بـ"سبي جلولاء"، وقتل من