ووصل المثنى في هذا الوقت، إلى الحيرة، ولما علم بالاستعدادات الفارسية الضخمة، أدرك أنه لا قبل له بلقاء من عبأهم الفرس، فآثر الحذر وانسحب من الحيرة إلى خفان1، وأدركه أبو عبيد فيها2.
معركة النمارق 3:
عبأ أبو عبيد جيش المسلمين البالغ عشرة آلاف مقاتل4، وزحف من خفان نحو النمارق، وعسكر بمواجهة جابان، وفي المعركة التي دارت الطرفين في "8 شعبان 13هـ/ 8 تشرين الأول 634م"، هزم الفرس، ووقع جابان في الأسر، ولم يكن يعرفه المسلمون، فتمكن بدهائه من خديعة آسره، ففدى نفسه وهرب، كما أسر القائدان جوشن شاه ومردان، وقتل الثاني على يد آسره5.
معركة السقاطية:
توجه من نجا من الفرس إلى كسكر لينضم إلى جيش نرسي، فطاردهم المثنى حتى درنا6، ووصلت في ذلك الوقت أنباء هزيمة جابان إلى المدائن، فجهز رستم جيشًا آخر بقيادة الجالينوس، ودفعه إلى المعركة مددًا لنرسي، وتمنى هذا الأخير أن يدركه قبل الاشتباك مع المسلمين، فراح يناور ويتمهل في خوض المعركة، غير أن أبا عبيد لم يمهله كثيرًا، واصطدم بقواته في الساقطية الواقعة جنتوبي كسكر قرب واسط، وذلك في "12 شعبان 13هـ/ 12 تشرين الأول 634م"، وانتصر عليه، وفر نرسي في جو الهزيمة القاتم7.
رفعت هذه الانتصارات الروح المعنوية للمسلمين، وحفزتهم على تكثيف حملاتهم في السواد، فأرسل أبو عبيد مجموعات صغيرة من الجيش لمطاردة فلول الفرس، والإغارة على قرى السواد، وتم لأول مرة سبي السكان، وتوزيعهم على المقاتلين كجزء من الغنيمة8.