استدعاء خالد بن الوليد إلى الجبهة الشامية:

كتب أبو بكر رسالة إلى خالد بن الوليد، وهو في العراق يأمره بالتوجه إلى بلاد الشام، جاء فيها: "بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عتيق بن أبي قحافة إلى خالد بن الوليد، سلام عليك، أما بعد، فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو، وأصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، أما بعد، فإذا جاءك كتابي هذا فدع العراق، وخلف فيه أهله الذين قدمت عليهم وهم فيه، وامض متخففًا في أهل القوة من أصحابك الذين قدموا العراق معك من اليمامة، وصحبوك في الطريق، وقدموا عليك من الحجاز، حتى تأتي الشام فتلقى أبا عبيدة بن الجراح، ومن معه من المسلمين، فإذا التقيتم فأنت أمير الجماعة, والسلام عليك"1، وفي رواية: "إني قد وليتك على جيوش المسلمين، وأمرتك بقتال الروم، وأن تسارع إلى مرضاة الله عز وجل وقتال أعداء الله، وكن ممن يجاهد في الله حق جهاده"2.

يتضمن الكتاب توجيهات الخليفة بوصفه القائد العام للجيوش الإسلامية، فقد حدد لقائده الهدف، وبين له العناصر الضرورية للوصول إليه، ومنها: المكان الجغرافي، الإمكانات والموارد التي يمكن توفيرها، التحرك السريع، تولي قيادة الجيوش الإسلامية في بلاد الشام، محاربة البيزنطيين حتى النصر، إلا أنه ترك له حرية اختيار الطريق الذي سيسلكه، وأسلوب قتال عدوه؛ مبرهنًا عن بعد نظر في الشئون العسكرية.

انتقال خالد بن الوليد من العراق إلى بلاد الشام:

كان خالد في الحيرة عندما تلقى أمر الخليفة بالتوجه إلى بلاد الشام، لنجدة الجيوش الإسلامية المرابطة هناك، وكان قد أنشأ لنفسه موقعًا ثابتًا موطد الأركان، نسبيًا، في غربي الفرات، لكنه لم يكن ينطوي منذ البداية على الرغبة في فتح إقليم لنفسه، والاستقرار فيه، ولا بد للعمليات العسكرية المتوقعة في بلاد الشام أن تكون موضع ترحيب منه، من واقع كونها تحديًا لكفاءته العسكرية؛ لذلك أطاع الأمر فورًا3.

قسم خالد، قبل مغادرته العراق، جيشه إلى قسمين، اصطحب معه تسعة آلاف، وهم الذين قدموا معه يوم جاء إلى العراق، وترك ثمانية آلاف بقيادة المثنى، وهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015