وشاليشه ركن الدين بيبرس البندقداري، فالتقوا هم والتتار عند عين جالوت، ووقع المصاف وذلك يوم الجمعة خامس عشر من رمضان، فهزم التتار شر هزيمة، وانتصر المسملون ولله الحمد وقتل من التتار مقتلة عظيمة، وولوا الأدبار، وطمع الناس فيهم يتخطفونهم وينهبونهم، وجاء كتاب المظفر إلى دمشق بالنصر، فطار الناس فرحًا، ثم دخل المظفر إلى دمشق مؤيدًا منصورًا، وأحبه الخلق غاية المحبة، وساق بيبرس وراءه التتار إلى بلاد حلب وطردهم عن البلاد، ووعده السلطان بحلب، ثم رجع عن ذلك فتأثر بيبرس من ذلك، وكان ذلك مبدأ الوحشة، وكان المظفر عزم على التوجه إلى حلب لينظف آثار البلاد من التتار، فبلغه أن بيبرس تنكر له وعمل عليه، فصرف وجهه عن ذلك، ورجع إلى مصر وقد أضمر الشر لبيبرس، وأسر ذلك إلى بعض خواصه، فأطلع على ذلك بيبرس، فساروا إلى مصر وكل منهما محترس من صاحبه، فاتفق بيبرس وجماعة من الأمراء على قتل المظفر، فقتلوه في الطريق في ثالث عشر من شهر ذي القعدة، وتسلطن بيبرس ولقب بالملك القاهر، ودخل مصر، وأزال عن أهلها ما كان المظفر قد أحدثه عليهم من المظالم، وأشار عليه الوزير زين الملة والدين ابن الزبير بأن يغير هذا اللقب وقال: ما لقب به أحد فأفلح، لقب به القاهر بن المعتضد، فخلع بعد قليل وسمل، ولقب ابن صاحب الموصل فسم، فأبطل السلطان هذا اللقب وتلقب بالملك الظاهر.
ثم دخلت سنة تسع وخمسين، والوقت أيضًا بلا خليفة إلى رجب، فأقيمت بمصر الخلافة، وبويع المستنصر كما سنذكره، كان مدة انقطاع الخلافة ثلاث سنين ونصفًا.
وممن مات في أيام المستعصم من الأعلام: الحافظ تقي الدين الصريفيني، والحافظ أبو القاسم بن الطيلسان، وشمس الأئمة الكردي من كبار الحنفية، والشيخ تقي الدين بن الصلاح، والعلم السخاوي، والحافظ محب الدين بن النجار مؤرخ بغداد، ومنتخب الدين شارح المفصل، وابن يعيش النحوي، وأبو الحجاج الأقصري الزاهد، وأبو علي الشلوبيني النحوي وابن البيطار صاحب المفردات، والعلامة جمال الدين بن الحاجب إمام المالكية، وأبو الحسن بن الدباج النحوي، والقفطي صاحب تاريخ النحاة، وأفضل الدين الخونجي صاحب المنطق، والأزدي، والحافظ يوسف بن خليل، والبهاء ابن بنت الحميري، والجمال بن عمرون النحوي، والرضي الصغاني اللغوي صاحب العباب وغيره، والكمال عبد الواحد الزملكاني صاحب المعاني والبيان، وإعجاز القرآن، والشمس الخسرو شاهي، والمجد ابن تيمية ويوسف سبط ابن الجوزي، صاحب مرآة الزمان، وابن باطيش من كبار الشافعية، والنجم البادرائي، وابن أبي الفضل موسى صاحب التفسير، وخلائق آخرون.
فصل: ومات في مدة الخلافة من الأعلام:
الزكي عبد العظيم المنذري، والشيخ أبوالحسن الشاذلي شيخ الطائفة الشاذلية، وشعبة المقرئ، والفاسي شارح الشاطبية، وسعد الدين بن العزي الشاعر، والصرصوري الشاعر، وابن الآبار مؤرخ الأندلس، وآخرون.