حفظت منها هذا المقطع.
" إذا وعدت فانجز. وإذا أوعدت فتغافل. وان ذكرك أحد التلاميذ بالوعيد فنفذه مع اظهار كراهيتك لمن ذكرك ".
لقد أشرت منذ قليل الى شديد حبه لي. كنت أحس بذلك مثل كل طفل، لكن لم أكن أعرف مدى ذلك الحب الا عندما عثرت، بعد وفاته، على كراسة صغيرة كان قد سجل فيها خواطره عندما سافر للعلاج بفرنسا، كتب في احدى ورقاتها، تحت عنوان "لوعة الشوق" ما يلي حرفيا (فالكراسة ما تزال في حوزتي).
"لا أعلم للشوق سلطانا على عواطفي عجزت عن تخفيف وطأته قوتي الفكرية الا مرتين. أحداهما وأنا شاب علق قلبي فتاة علقتني هي الأخرى. وكانت حرب بين عقلي وهواي، فاز فيها الهوى بالحب العذري وفاز فيها العقل بالعفة، مع وجود دواعي الفاحشة وفقد موانعها.
ثانيتهما في سفرتي هاته الى فرنسا لعلاج داء السكر التي دامت من (28/ 03/ 1357هـ) الى 28/ 05/ 1938م إلى 29/ 05/ 1357هـ (الموافق 27/ 07/ 1938م) فقد كنت أريد ان انسى كل علاقاتي الشخصية والفكرية أيام علاجي. ففزت الا من ناحية ولدي البكر محمد، فقد كنت أهاج لذكراه حتى تكاد تنفلت دموعي أمام الناس. ولولاه لكان غيابي أطول.
لكن الاسترسال في استعراض كل الجوانب التي أعرفها عن والدي، قد يبعد بنا عن موضوع الكتاب الذي وضعه منذ أكثر من نصف قرن.
ان تحديد مكانة ـ[تاريخ الجزائر في القديم والحديث]ـ تتطلب التذكير، ولو باختصار، بالظروف الفكرية والسياسية والاجتماعية التي ظهر فيها ذلك الكتاب.
ولد الشيخ مبارك الميلي في النصف الأخير من العشرية الأخيرة من القرن الماضي. نشأ في منطقة فقيرة خاضعة لنظام البلديات المختلطة. وكان هذا النظام، الى جانب "الاحواز العسكرية" هو