في الجزائر. ولقد أدى ذلك بالتدريج لجعل الجماهير الشعبية تتخلى شيئاً فشيئاً عن التزاماتها تجاه جبهة التحرير الوطني إذ لم تعد تجد نفسها في مشروع المجتمع المعبر عنه بواسطة البرنامج المذكور.

10 - إن انتقال الثورة الجزائرية من ديمقراطية اجتماعية في إطار المبادئ العربية الإسلامية إلى ديمقراطية شعبية اشتراكية لم يحصل إلا على الورق ولم يأخذ في الاعتبار ضرورة أولوية الجماهير الشعبية الواسعة واشتراكها في اتخاذ القرار حتى تشعر بمسوؤليتها على الإسهام بفعالية في تطبيقه.

11 - إن ميثاق الجزائر، بدلاً من أن يضع حداً للانحراف، فإنه عمل على تعميقه بواسطة ما أضافه من مغالطات تاريخية وفكرية وانطلاقه، في إثراء برنامج طرابلس من تقييم سطحي للواقع الجزائري غداة استرجاع الاستقلال الوطني، ومن اعتماد دراسات نظرية لاعلاقة لها بطموحات الشعب العربي المسلم في الجزائر.

فالقرار المتعلق ببعث الثورة الاشتراكية في الجزائر والذي صادق عليه المؤتمر الأول لحزب جبهة التحرير الوطني المنعقد في فترة مابين السادس عشر والواحد والعشرين من شهر أبريل سنة أربع وستين وتسعمائة وألف لم يكن متوقعاً من طرف المناضلين ولامنتظراً من قبل الجماهير الشعبية الواسعة، لقد كان، فقط، استجابة لرغبة بعض المثقفين المتشبعين بالفكر الماركسي والبعيدين كل البعد عن واقع الشعب.

12 - إن ترسيخ الانحراف الأيديولوجي قد ترتب عليه تجميد القواعد المناضلة وتحييد الجماهير الشعبية. ولقد كان على القيادة السياسية لجبهة التحرير الوطني

أن تعتمد قبل كل شيء، إلى تكوين الإطارات والمناضلين فكرياً وثقافياً ثم تسند إليهم مهمة رفع مستوى الوعي لدى الإنسان الجزائري قصد إعداده للدخول إلى مرحلة جديدة من مراحل البناء ذلك أن المواطن لايعرف نوع وطبيعة البناء المطلوب منه المساهمة في تشييده فإنه يكون عاجزاً عن القيام بدوره وغير مهتم بما يجري من تغيير حوله.

13 - إن عدم التصدي للانحراف الأيديولوجي وعدم التفطن إلى ضرورة تزويد إطارات جبهة التحرير الوطني ومناضليها بالتكوين الفكري والسياسي اللازم لتأدية مهامهم في ميادين التوجيه والتخطيط والرقابة والتوعية هما اللذان أديا بالتدريج إلى تهميش الجماهير الشعبية وإلى إجهاض ثورة نوفمبر بواسطة الأحداث التي وقعت في اليوم الخامس من شهر أكتوبر سنة ثمان وثمانين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015