عن الأزمات الداخلية التي مر بها نجم شمال إفريقيا ومن بعده حزب الشعب

الجزائري ثم حركة الانتصار للحريات الديمقراطية، وعن الصراعات التي وقعت بين المشرفين على الجناح السياسي والمسؤولين عن المنظمة الخاصة من جهة وبين دعاة الشرعية السياسية وأنصار الكفاح المسلح من جهة ثانية. بل تحولت إلى حركة مفتوحة أبوابها ليس فقط لمناضلين صهرتهم أيديولوجية واحدة ولكن لمواطنين وإطارات ومناضلين ظلوا حتى ذلك التاريخ متمسكين بأيديولوجية مختلفة وقرروا تجميد تمسكهم ذلك للالتحاق بالمسار الثوري دون أن يقدموا الدليل على أن التحاقهم نهائي وبدون رجعة (?).

وإذا كان ذلك الالتحاق الذي سمح به مؤتمر وادي الصومام قد جاء نتيجة نوع من التنازل عن واحد من الشروط الأساسية الواردة في نداء الفاتح من نوفمبر، ويتمثل في إعلان الملتحق عن تخليه النهائي عن أيديولوجيته، فإنه، في واقع الأمر، قد حقق انتصاراً لجبهة التحرير الوطني التي استطاعت، تفضل ذلك، أن تضم إلى صفوفها عدداً كبيراً من الإطارات السياسية والثقافية التي ستؤدي دوراً لا يستهان به خلال ما تبقى من سنوات الكفاح المسلح، وقد كان من الممكن أن يكون انتصاراً أكبر، لو لم تتعرض البلاد إلى أزمة صائفة اثنين وستين تسعمائة وألف التي فتحت شهية المحترفين السياسيين على حساب المصلحة الوطنية.

ومجرد انتهاء أشغال المؤتمر، رجعت لجنة التنسيق والتنفيذ إلى العاصمة وتوجه العقيد يوسف زيغود إلى الأوراس مكلفاً بالإشراف على عملية إنهاء الخلافات القائمة بين مختلف القيادات المحلية، وتعيين القائد الموحد الذي يكون أهلاً لخلافة الشهيد مصطفى بن بوالعيد، غير أن هذه المهمة الصعبة والنبيلة في ذات الوقت لم يكتب لها النجاح على يد قائد الولاية الثانية الذي استشهد قبل حتى أن يخرج من ولايته (?).

إن هذه المهمة قد أسالت كثيراً من الحبر وحاول العديد من المؤرخين إعطائها تأويلاً غير الذي وجدت من أجله. فزيغود يوسف كان مشهوراً بقدرته على التنظيم وكانت له خبرة واسعة بالعمل العسكري بالإضافة إلى معرفته بإطارات الولاية الأولى الذين كانوا يكنون له كل الاحترام نظراً للعلاقات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015