حمادوش في رحلته عن نفسه أنه يعلم علوما شتى من بينها علم الموسيقى الذي قال إنه تعلمه بطريق الإجازة (?) وفي (الرحلة القمرية) لابن زرفة أنه قد ورد على الباي محمد الكبير عالمان حنفيان من مليانة، أحدهما مفتي البلدة والثاني فقيهها، وإن كليهما كان من الموسيقيين المهرة (?)، وقد عرفنا من حياة المفتي أحمد بن عمار أن بعض علماء مدينة الجزائر، وهو منهم، كانوا يصوغون الموشحات المولدية ونحوها وينشدونها في المولد النبوي بالألحان المطربة، وتذكر المصادر أن العالم محمد القوجيلي قد استأذنه أحد علماء تونس في سماع الموسيقى فأجابه القوجيلي:

فالقلب فيه اشتياق للسماع توى ... إذكل ذي كرم من شأنه الطرب (?)

ممارسة الموسيقى والغناء:

ويظهر أنه رغم اختلاف وجهة نظر العلماء حول الموسيقى والغناء، فإن المجتمع كان لا يستغني عنهما، وهناك ثلاث مناسبات على الأقل تشيع فيها الموسيقى والغناء والرقص: المناسبات الاجتماعية كحفلات الزواج ولقاء السيدات في الحمام والختان، والمناسبات الدينية كالمولد النبوي وتجمع ركب الحج وليلة القدر، والمناسبات الرسمية كتولي الباشا الجديد وحفلة الدنوش والاحتفال بانتصار كبير على الأعداء.

وتذكر بعض المصادر أن السلطة كانت تجازي العازفين بهدايا وعطايا مناسبة. فقد كان رئيس الموسيقيين (أو الباشزرناجي) يتقاضى بمناسبة المولد النبوي عشرة بوجات، وكانت هدية الموسيقيين في هذه المناسب ترقى إلى خمسة وأربعين سلطانيا. أما حين يلبس الباشا الجديد القفطان الرسمي فعطية الموسيقيين تبلغ أحيانا مائة دورو فضية، وذلك بعد ثلاث ليال من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015