اشتهر به وتسابق الناس إلى درسه في الجامع الكبير، كما اشتهر بعلوم اللسان. وكذلك قال ابن ميمون عن المفتي مصطفى بن عبد الله البوني بأنه تناول تدريس الثعالبي "على سبيل التفقه " وأنه أجاد فيه (?)، ومن جهة أخرى ذكر ابن زاكور في رحلته أن شيخه أبا عبد الله بن خليفة الجزائري قد ختم القرآن الكريم تدريسا (?).
أما التفسير تأليفا فالخوض فيه قليل. ورغم شهرة مدرسة تلمسان العلمية فإنها لم تنتج مفسرين للقرآن الكريم جديرين بالإشارة. حتى العالم المعروف، أحمد الونشريسي وابنه عبد الواحد لم يعرف عنهما التأليف في التفسير. ونفس الشيء يقال عن مدرسة بجاية وقسنطينة. فرغم شهرة عمر الوزان وعبد الكريم الفكون (الجد) خلال القرن العاشر، فإننا لم نعثر لهما على تأليف في التفسير. وقد اعتنى عبد الرحمن الأخضري بمختلف العلوم، شرعية وعقلية، ولكننا لم نعرف عنه أنه حاول التفسير.
وهكذا ينتهي القرن العاشر (16 م) دون أن نسجل تأليفا واحدا في تفسير القرآن الكريم. غير أنه يقال إن محمد بن علي الخروبي قد وضع تفسيرا أثناء إقامته بالجزائر. فإذا صح هذا فإنه يكون أمرا غريبا من شيخ لا هم له عندئذ سوى نشر الطريقة الشاذلية وخدمة الدعاية العثمانية والتأليف في التصوف. ومهما يكن من أمر فنحن لم نطلع على هذا التفسير ولا تؤكد مصادر الخروبي وجوده (?)، وقد روى عبد الكريم الفكون (الحفيد) أن جده قد وضع "تقييدا" جمع فيه الآيات التي استشهد بها سعد الدين التفتزاني في كتابه المطول، ولكن العناية ببعض الآيات من القرآن الكريم لا تعني العناية بالتفسير كعلم قائم بذاته. ثم إن الرواية تشير إلى أن الشيخ الفكون قد جمع الآيات ولم تقل إنه فسرها أو علق عليها. ومن ثمة يظل هذا التقييد خارج